هل ماتَت حقًا؟
جمال الباشا
تضاربَتْ الأنباءُ بشأنها.. فمِنْ قائلٍ إنَّها سقيمَةٌ بَدا من هُزالِها كُلاها!!
ومِن قائلٍ إنَّها في غُرفَةِ الإنعاشِ والأملُ في حياتها ضعيف!!
ومِن قائلٍ إنَّها قد ماتَتْ بالفعل، بل ودُفِنَتْ منذ مُدَّة!!
- التصنيفات: الواقع المعاصر -
تضاربَتْ الأنباءُ بشأنها.. فمِنْ قائلٍ إنَّها سقيمَةٌ بَدا من هُزالِها كُلاها!!
ومِن قائلٍ إنَّها في غُرفَةِ الإنعاشِ والأملُ في حياتها ضعيف!!
ومِن قائلٍ إنَّها قد ماتَتْ بالفعل، بل ودُفِنَتْ منذ مُدَّة!!
وكنتُ قد رجَّحْتُ القولَ الأخيرَ قبلَ نحو سنَةٍ عندما رأينا القتَلةَ في(رابعَة) يتفنَّنون في إزهاقِ أرواحِ المُعتَصمين العُزَّلِ وحرْقِ جُثَثِهم، وانتهاك أعراضِهم، وجماهيرُ الأمَّةِ يتفرَّجون وزُعماؤها ينتَشون.
قلتُ حينَها إنَّ المُروءةَ قد ماتَت حقًا عند أولياءِ الأمور المُحَنَّطين، وأصحابِ القَرار الصامتين، وكتبتُ بذلك ومضَةً عاجلةً يبدو أنّي تسرَّعتُ فيها، وأستغفرُ اللهَ مما صنَعتُ.
اليومَ أتراجَعُ عن هذا التوصيفِ، وأعتذرُ عن هذا الحُكم غير الحَصيف، ففي حربِ غزَّةَ المُستَعِرَةِ قد فاحَ النَتَن، وخرَجَ إلى العلَن ذلك التواطؤ والتآمُرُ، بعد التحريضِ والتخابُر مع العدوّ التاريخيّ المُحتلّ ضدَّ إخوَة الدين والعُروبة!!
بل وأقذرُ من ذلك أن تقومَ أنظمةُ بعضِ دولِ العُربانِ بتَمويلِِ نفَقاتِ الجريمةِ من مال شعوبها المغلوبَة على أمرها!!عندئدٍ صِرتُ إلى مذهبي الجديد وهو أنَّ القولَ بموتِ المُروءةِ عند هؤلاءِ غيرُ سديد، فإنَّما يُفهَمُ من طُروءِ المَوتِ علىِ الشيءِ سَبْقُ حياة، وقد بدا أنَّ هؤلاءِ المذكورين لا مروءةَ لهم ولا نخوةَ من الأصل!!
أعتقدُ أنَّ مَن لا يزالُ إلى اليوم يترنَّمُ بقول الشاعر:
لامَسَت أسماعَهم لكنَّها *** لم تُلامسْ نخوةَ المعتَصم
ويُسقطهُ على القوم، لا بُدَّ أن يعتذرَ كما اعتذرتُ، وأن يستبدلَ البيتَ بما هو عليهم أصدقُ، وبهم ألصَقُ، وهو:
قد أسمَعْتَ لو ناديتَ حيًا *** ولكن لا حياةَ لِمَن تُنادي