(44) نمط التطبيعي
محمد علي يوسف
من الأنماط الخطيرة نمط الأخ "عادي"!، و"فيها إيه يعني"! أو ما يمكن تسميته بنمط الأخ التطبيعي.. وهذا النمط كل شيء بالنسبة إليه يتحول بالتدريج إلى شيء طبيعي وعادي.. "وفيها إيه يعني؟"...! "ما كل الناس كده"...! جت عليَّا أنا يعني؟...! "يا عم فوت وما تركزش"...! هكذا يتعامل هذا النمط مع كل المتغيرات من حوله..!
- التصنيفات: الآداب والأخلاق -
ومن الأنماط الخطيرة نمط الأخ "عادي"!، و"فيها إيه يعني"! أو ما يمكن تسميته بنمط الأخ التطبيعي..
وهذا النمط كل شيء بالنسبة إليه يتحول بالتدريج إلى شيء طبيعي وعادي..
"وفيها إيه يعني؟"...!
"ما كل الناس كده"...!
جت عليَّا أنا يعني؟...!
"يا عم فوت وما تركزش"...!
هكذا يتعامل هذا النمط مع كل المتغيرات من حوله..
كل ما يتكرَّر عليه يتقرَّر لديه ويصبح شيئًا طبيعيًا مقبولًا..
والتطبيع يختلف عن المرونة أو التكيف والمضي قُدمًا في دروب الحياة فتلك أمور لها فقهها وسنأتي للحديث عنها إن شاء الله..
وليس المطلوب أيضًا أن يكون المرء من أهل الخيال والأوهام والانفصال عن الواقع أو إنكاره كما سيأتي بإذن الله عند الحديث عن الأخ الموهوم..
لكن المطلوب ببساطة أن يظل الخطأ خطئًا والصواب صوابًا..
وهذا ما يغيب تدريجيًا عند هذا النمط التطبيعي..
ومع مرور الوقت يتحوَّل الظلم والبطش إلى شيء عادي لا يؤثر في قلبه ولا يُثير غضبه..
وكلما تكرَّرت عليه مشاهد الدماء وتعاقبت عليه مصائب المسلمين في كل ثغر - كلما قل تعاطفه وانفعاله لآلامهم وصاروا في النهاية بالنسبة إليه مجرد أرقام إحصائية جامدة..!
وكلما عصى أو تعامل مع معصية - كلما هدأت وطأتها في قلبه وفقد شعور الندم وبغض المعصية وبعد أن كان يومًا يرى تلك الأعمال من الموبقات صارت في عينيه أدق من الشعرة وربما اختفت من ناظريه وإن لم تختفِ من صحيفته..!
وكم من أمور كانت مستغربة في أولها مستهجنة حين كانت بداية ظهورها ثم تحوّلت مع الوقت وقلة النكير إلى أمر عادي وطبيعي بفعل هذا النمط التطبيعي الذي يتعوّد الخطأ ويطبع العلاقة به..!
{وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا وَاللهُ أَمَرَنَا بِهَا ۗ قُلْ إِنَّ اللهَ لَا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ ۖ أَتَقُولُونَ عَلَى اللهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ} [الأعراف:28]..
تخيل أن يصل الأمر لأن يقال عن الفاحشة أن الله أمر بها!
وهذه هي النهاية المتوقعة والبديهية لهذا التطبيع والتعود..
هنا تذوب الفوارق وتضيع الثوابت وتطمس المفاهيم وربما تمسخ التصورات بعد حين فيصير الحرام عند هذا النمط حلالًا والخطأ صوابًا والباطل حقًا..
أو على الأقل يصير عاديًا.. وطبيعيًا.