(58) نمط الأخ المُكشِّر

محمد علي يوسف

من الأنماط أيضًا نمط الأخ المُكشِّر مُكفَهِر الوجه عابس المحيا مقطّب الجبين.. وهذا الأخ يظن أن المهابة في العبوس ويعتقد أن الوقار يكمن في كم التجاعيد التي ستظهر على جبينه كلما قطبه أكثر وأكثر ويتصوّر أن الحشمة والمكانة إنما تُنال بكآبة السمت وصرامة الوجه..!

  • التصنيفات: الآداب والأخلاق -

ومن الأنماط أيضًا نمط الأخ المُكشِّر مُكفَهِر الوجه عابس المحيا مقطّب الجبين..

وهذا الأخ يظن أن المهابة في العبوس ويعتقد أن الوقار يكمن في كم التجاعيد التي ستظهر على جبينه كلما قطبه أكثر وأكثر ويتصوّر أن الحشمة والمكانة إنما تُنال بكآبة السمت وصرامة الوجه..!

ولقد كان الحبيب صلى الله عليه وسلم أكثر الناس وقارًا وأعظمهم مهابةً، وكان من شدة مهابته لا يستطيع أصحابه أن يحدوا النظر إليه طويلًا ولكنه رغم تلك المهابة والوقار كان بشوشًا طلَق الوجه وكان يأمر بذلك ويستحبه وكان ينهى عن احتقار المعروف ولو كان هذا المعروف طلاقة وجهك حين تلقى أخاك وكان يحض على التبسم ويبين مثوبته وأن البسمة صدقة..

ولقد كان يتبسّم..

رغم كل الهموم والآلام والأحزان كان بأبي هو وأمي يتبسّم..

هو من أوذي في الله ولم يؤذ أحد وأخيف في الله ولم يخف أحد وهو من في حياته مات جُلّ أبنائه وبناته وأحب زوجاته وكان يمرّ به البلاء تلو البلاء والمسؤوليات الجِسام ورغم كل ذلك كان يتبسّم..

وكان يمزح ولا يُحدِّث إلا صِدقًا..

وكان يلاعب أطفاله وأطفال غيره..

وكان يسابق زوجه ويلاطفها..

وكان يمازح الفقراء والبسطاء من أصحابه ويتبسط إليهم..

وكانوا يتضاحكون بعد صلاة الصبح وهو جالس بينهم يتبسّم..

وكل ذلك لم ينل من هيبة حبيبي صلى الله عليه وسلم شيئًا ولم يسبب تقصيرًا في مسؤولياته أو واجباته..

فقل بربك أيها الأخ العبوس المُكشِّر هل أنت أفضل منه..!

هل همومك أعظم؟!

هل مسؤولياتك أضخم؟!

هل آلامك وبلاؤك أشد من بلائه؟!

وهل تظن أنك بعبوسك تنال وقارًا لم ينله؟!

أم أنك في الحقيقة تخشى إن تبسّمت على وجهك أن يتشقق؟!

يا أخي صدقني وأبشر فلن يتشقَّق..!

بل سيُشرِق ويُضيء ولن ينفر من حولك..

فتبسّم فمن هو خير منك... تبسّم.
 

المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام