التفاضل بالإيمان (13)
ابن تيمية
ولا تتم عبوديته لله إلا بهذين، فمتى كان يحب غير الله لذاته أو يلتفت إلى غير الله أنه يعينه كان عبدا لما أحبه وعبدا لما رجاه بحسب حبه له ورجائه إياه وإذا لم يحب لذاته إلا الله وكلما أحب سواه فإنما أحبه له ولم يرج قط شيئا إلا الله وإذا فعل ما فعل من الأسباب أو حصل ما حصل منها كان مشاهدا أن الله هو الذي خلقها وقدرها وأن كل ما في السموات والأرض فالله ربه ومليكه وخالقه وهو مفتقر إليه كان قد حصل له من تمام عبوديته لله بحسب ما قسم له من ذلك والناس في هذا على درجات متفاوتة لا يحصى طرفيها إلا الله.
- التصنيفات: العقيدة الإسلامية -
ولا تتم عبوديته لله إلا بهذين، فمتى كان يحب غير الله لذاته أو يلتفت إلى غير الله أنه يعينه كان عبدا لما أحبه وعبدا لما رجاه بحسب حبه له ورجائه إياه وإذا لم يحب لذاته إلا الله وكلما أحب سواه فإنما أحبه له ولم يرج قط شيئا إلا الله وإذا فعل ما فعل من الأسباب أو حصل ما حصل منها كان مشاهدا أن الله هو الذي خلقها وقدرها وأن كل ما في السموات والأرض فالله ربه ومليكه وخالقه وهو مفتقر إليه كان قد حصل له من تمام عبوديته لله بحسب ما قسم له من ذلك والناس في هذا على درجات متفاوتة لا يحصى طرفيها إلا الله.
فأكمل الخالق وأفضلهم وأعلاهم وأقربهم إلى الله وأقواهم وأهداهم أتمهم عبودية لله من هذا الوجه.
وهذا هو حقيقة دين الإسلام الذي أرسل به رسله وأنزل به كتبه وهو أن يستسلم العبد لله لا لغيره فالمستسلم له ولغيره مشرك والممتنع عن الاستسلام له مستكبر، وقد ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أن الجنة لا يدخلها من في قلبه مثقال ذرة من كبر، كما النار لا يدخلها من في قلبه مثقال ذرة من الإيمان، فجعل الكبر مقابلا للإيمان، فإن الكبر ينافي حقيقة العبودية كما ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال يقول الله العظمة إزاري والكبرياء ردائي فمن نازعني واحدا منهما عذبته فالعظمة والكبرياء من خصائص الربوبية والكبرياء أعلى من العظمة، ولهذا جعلها بمنزلة الرداء كما جعل العظمة بمنزلة الإزار.