التفاضل بالإيمان (23)
ابن تيمية
فمن كان الله يحبه استعمله فيما يحبه محبوبه لا يفعل ما يبغضه الحق ويسخطه من الكفر والفسوق والعصيان، ومن فعل الكبائر وأصر عليها ولم يتب منها فإن الله يبغض منه ذلك كما يحب منه ما يفعله من الخير إذ حبه للعبد بحسب إيمانه وتقواه، ومن ظن أن الذنوب لا تضره يكون الله يحبه مع إصراره عليها كان بمنزلة من زعم أن تناول السم لا يضره مع مداومته عليه وعدم تداويه منه بصحة مزاجه.
- التصنيفات: العقيدة الإسلامية -
فمن كان الله يحبه استعمله فيما يحبه محبوبه لا يفعل ما يبغضه الحق ويسخطه من الكفر والفسوق والعصيان، ومن فعل الكبائر وأصر عليها ولم يتب منها فإن الله يبغض منه ذلك كما يحب منه ما يفعله من الخير إذ حبه للعبد بحسب إيمانه وتقواه، ومن ظن أن الذنوب لا تضره يكون الله يحبه مع إصراره عليها كان بمنزلة من زعم أن تناول السم لا يضره مع مداومته عليه وعدم تداويه منه بصحة مزاجه.
ولو تدبر الأحمق ما قص الله في كتابه من قصص أنبيائه، وما جرى لهم من التوبة والاستغفار، وما أصيبوا به من أنواع البلاء الذي فيه تمحيص لهم وتطهير بحسب أحوالهم على بعض ضرر الذنوب بأصحابها ولو كان أرفع الناس مقاما، فإن المحب للمخلوق إذا لم يكن عارفا بمصلحته ولا مريدا لها، بل يعمل بمقتضى الحب وإن كان جهلا وظلما كان ذلك سببا لبغض المحبوب له ونفوره عنه، بل لعقوبته وكثير من السالكين سلكوا في دعوى حب الله أنواعا من أمور الجهل بالدين، إما من تعدى حدود الله، وإما من تضييع حقوق الله، وإما من إدعاء الدعاوى الباطلة التي لا حقيقة لها كقول بعضهم أي مريد لي ترك في النار أحدا فأنا منه بريء، فقال الآخر أي مريد لي ترك أحدا من المؤمنين يدخل النار فأنا منه بريء، فالأول جعل مريده يخرج كل من في النار والثاني جعل مريده يمنع أهل الكبائر من دخول النار ويقول بعضهم إذا كان يوم القيامة نصبت خيمتي على جهنم حتى لا يدخلها أحد وأمثال ذلك من الأقوال التي تؤثر عن بعض المشايخ المشهورين، وهي إما كذب عليهم، إما غلط منهم، ومثل هذا قد يصدر في حال سكر وغلبة وفناء يسقط فيها تمييز الإنسان أو يضعف حتى لا يدري ما قال والسكر هو لذة مع عدم تمييز ولهذا كان بين هؤلاء من إذا صحا استغفر من ذلك الكلام.