محمد الضيف (المهرج الشبح)
من المؤكد أن محمد الضيف اسم يعرفه كل صهيوني داخل الأراضي المحتلة، لأنه دبَّ الرعب في نفوسهم المريضة على مدار الساعة من خلال نجاحات وإنجازات وتقدمات كتائب القسام في المجال العسكري .. ولعله من الأهمية بمكان التطرق إلى حياة الضيف سريعاً.
- التصنيفات: أحداث عالمية وقضايا سياسية -
دأبت دولة الاحتلال الإسرائيلي على استغلال أي فرصة سانحة من أجل تصفية كبار المجاهدين أو رؤوس المقاومة الفلسطينية على اختلاف أنشطتهم سواء كانت عسكرية أم دعوية أم فكرية أم غيرها حيث لم يسلم الشيخ أحمد ياسين من عمليات الاغتيال، وهو رجل مشلول قعيد على كرسي متحرك، أو الدكتور إبراهيم المقادمة وهو مفكر، أم صلاح شحادة وهو قائد عام كتائب القسام.
ما يلفت النظر في عمليات الاغتيال أن طائرات الاحتلال تلقي أكثر من صاروخ (إف 16) على نفس الهدف حتى تدمر المكان بشكل كامل كما فعلت من قبل مع منزل الشهيد صلاح شحادة في يوليو 2002م، عندما استشهد 18 فلسطينياً وأُصيب عشرات المواطنين فضلاً عن هدم غالبية المنازل المحيطة بمنزله.
نفس السيناريو تحاول دولة الاحتلال تكراره مع محمد الضيف القائد العام لكتائب القسام، حيث أقدمت طائرات الـ (إف 16) مساء الثلاثاء 19/08/2014م، على قصف منزل عائلة (الدلو) في حي الشيخ رضوان شمال مدينة غزة بخمسة صواريخ مخترقة للملاجئ أمريكية الصنع من طراز GBU-28، مما أدى إلى استشهاد ثلاثة مواطنين، وجرح 45 آخرين، منهم زوجة الضيف وابنته.
محمد الضيف: من هو؟
من المؤكد أن محمد الضيف اسم يعرفه كل صهيوني داخل الأراضي المحتلة، لأنه دبَّ الرعب في نفوسهم المريضة على مدار الساعة من خلال نجاحات وإنجازات وتقدمات كتائب القسام في المجال العسكري .. ولعله من الأهمية بمكان التطرق إلى حياة الضيف سريعاً.
شهرته: محمد الضيف، واسمه الحقيقي: محمد دياب إبراهيم المصري (أبو خالد)، ويشغل منصب: القائد العام لكتائب الشهيد عز الدين القسام الجناح المسلح لحركة المقاومة الإسلامية حماس.. ويلقب وفق الأدبيات الفلسطينية بالقائد البطل، فيما تلقبه دولة الاحتلال برأس الأفعى، في إشارة منهم إلى دوره القيادي الكبير في كتائب القسام، كما لم تتمكن أجهزة الأمن الصهيونية من اعتقاله أو الوصول إليه رغم اعتقال عددٍ من زملائه.
وُلِد الضيف عام 1965م، في بيت من (القرميد) لأسرة فلسطينية تعود أصولها لبلدة (القبيبة) داخل فلسطين المحتلة عام 1948م، ثم عاشت مرارة التشرد واللجوء في المخيمات الفلسطينية قبل أن تستقر في أزقة مخيم خان يونس جنوب قطاع غزة.
ونشأ الضيف في أسرة متواضعة جداً تكاد لا تتحصل على قوت يومها، حيث عمل في عدة مهن ومشاريع صغيرة لمساعدة أسرته على تسيير أمورها. كما عمل مع والده في محل (غزل وتنجيد).
الضيف: البُعد الإنساني
كان الضيف يتمتع بالحس الاجتماعي المرهف، لدرجة أن أحداً لم يتوقع يوماً أن يكون الضيف كادراً قسامياً، حيث كان يساعد شباب المساجد في أعمال البناء والحفر ونقل المياه وغيرها، وكان يشارك الجيران في جني الزيتون ومواسم الحصيدة ومساعدة المزارعين، هذا بجانب المشاركة في الأعمال الاجتماعية العامة مثل تنظيف الشوارع والمخيمات..
أما خلال دراسته الجامعية وعمله الدعوي، فقد كان حريصاً على تنظيم الزيارات الدورية للمرضى في المستشفيات، حاملين معهم الهدايا، ولم ينسَ أيضا زيارة المقابر.
ولم يستبعد الضيف الفن والترفيه والتسلية عن حياته التي سبقت عمله العسكري، فقد كان واحداً من مؤسسي فرقة "العائدون"، وهي أولى الفرق الفنية الإسلامية التي كانت تقدم المسرحيات الهادفة والأناشيد الإسلامية في مدينة خان يونس. وكانت مسرحية (المهرج)، هي المقدمة للتعرف على شخصية الضيف الذي كان يلعب دور "أبو خالد"، وهي شخصية تاريخية عاشت خلال الفترة ما بين العصرين الأموي والعباسي.
العسكر والعمل بصمت
جرَّب الضيف العيش في سجون الاحتلال، وذلك حينما اعتُقِلَ عام 1989م، خلال الضربة الأولى التي تعرّضت لها حركة حماس، وقضى 16 شهراً في سجون الاحتلال موقوفاً دون محاكمة بتهمة العمل في الجهاز العسكري لحماس الذي أسسه صلاح شحادة، ثمَّ خرج دون الإدلاء بأيَّة معلومة. وبعدها بأربع سنوات تمَّ اغتيال عماد عقل، فبرز دور الضيف كقيادي وصانع قرار في كتائب القسام.
يفضِّل الضيف أن يعمل بصمت، ولا يتحدث لوسائل الإعلام التي لا تعرفه من الأساس، إلا أنه يتكلم في لحظات حرجة جداً تتطلب أن يصرِّح بنفسه كالحروب والعمليات العسكرية. حيث كانت له كلمة مسجلة أثناء العدوان الصهيوني على غزة (معركة العصف المأكول)، وأكَّد أن ما عجزت عن انجازه الطائرات والمدفعيات لن تحققه العمليات البرية، واستمرار عمليات الإنزال خلف خطوط العدو رغم المجازر هو خير دليل على قوة المقاومة.
ووفقاً للمصادر الإعلامية الصهيونية؛ يقف الضيف وراء العديد من العمليات البطولية التي نفذتها القسام في الداخل المحتل، ومن بينها:
- إرسال كمية من المتفجرات إلى الشهيد المهندس يحيى عياش والتي نفذت بها مجموعة من العمليات انتقاماً لمجزرة الحرم الإبراهيمي عام 1993م.
- اختطاف الجندي نخشون فاكسمان التي أسفرت عن مقتل الجندي وضابط مخابرات إسرائيلي وإصابة عدد من جنود الوحدة التي اقتحمت المنزل واستشهاد أعضاء القسام الثلاثة.
- تنفيذ عملية القدس التي أسفرت عن استشهاد المجاهدين وإصابة حوالي 14 إسرائيلياً في القدس وإثارة الهلع بين اليهود، خصوصاً أن الاشتباك جرى في أحد شوارع القدس المزدحمة.
- إعطاء الأوامر لحسن سلامة لتنفيذ سلسلة من العلميات الاستشهادية انتقاما للشهيد يحيى عياش، بداية عام 1996 والتي أسفرت عن مقتل نحو 50 إسرائيليًا وجرح أكثر من 100 آخرين.
- هذا بالإضافة إلى العمليات القسامية التي أسفرت عن مقتل مئات الصهاينة خلال انتفاضة الأقصى.
الاغتيال: محاولات فاشلة
سلَّطت جريمة اغتيال صلاح شحادة قائد القسام، الأضواء من جديد على محمد الضيف باعتباره القائد العسكري الأخطر في تاريخ كتائب القسام، وحاول الموساد الصهيوني تصفيته أكثر من خمس مرات، لكنه فشلت كل مرة، لأن الضيف أشبه بالشبح الذي تُرى أفعاله دون أن تُعرف هيئته، وتعتمد أجهزة المخابرات الصهيونية على صورة شخصية قديمة له تشبه إلى حد كبير صورة بطاقته الشخصية (الهوية)، هذا في حين أن أقرب المقربين منه لا يعرفون شكله الحقيقي، لأنه نجح بشكل كبير في تغيير شخصيته مرات عديدة كما فعل الشهيد يحيى عياش من قبل.