أحزان الذنوب

كلما أراد الخروج من البركة ازداد اتساخًا على اتساخه، وعطبًا على عطب، حتى إذا خرج منها بأعجوبة، بعدما خشي على نفسه من الغرق في ذاك الوحل النتن وهذه المياه الآسنة، تذكر ذلك وهو يبكي صاحبه الذي حذره وهو الآن يرقد بين الأموات..

  • التصنيفات: الزهد والرقائق -

وصار يشتهي شفق الشمس الأحمر الدامي كما يشتهي الماء وهو في الصحراء، من كثرة ما يعيش الليل في نهاره وليله..

وفي تلك الفترة من عمره اسود كل شيء من غصة ما يلاقي من أهوال وبلايا، وصار يتذكر صاحبه حينًا من الدهر، فيبكي يوم أن قال له صاحبه: "لا تذهب إلى تلك البركة فماؤها آسن، وريحها وأسماكها ليس كما تراها، فهي أنتن ما يكون".

فذهب إلى تلك البركة، وحينما وضع يده وقدميه ليمسك السمك الراقد الكبير فهرب إلى غير رجعة، ولم يجد حوله أي أسماك أخرى، ولا وجد غير العطن، قد أصبح ريحه وثيابه البيضاء كأنما تمرغ في الطين..

وكلما أراد الخروج من البركة ازداد اتساخًا على اتساخه، وعطبًا على عطب، حتى إذا خرج منها بأعجوبة، بعدما خشي على نفسه من الغرق في ذاك الوحل النتن وهذه المياه الآسنة، تذكر ذلك وهو يبكي صاحبه الذي حذره وهو الآن يرقد بين الأموات.


أحمد سليمان 

المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام