(2) مفهوم الهمّ
حسني البشبيشي
قد ينشغل هم الإنسان بأمور الرياضة وقد ينشغل بأمور السياسة وقد ينشغل بالمال وجمعه وقد ينشغل بالمتع والشهوات، ولكن هل ينشغل الهم بالموت والآخرة ولقاء الله أم لا؟ وهل انشغاله بهذه الأمور أكبر من انشغاله بالأمور الأخرى؟
مفهوم الهمّ (مفهوم التصور)
قد ينشغل هم الإنسان بأمور الرياضة وقد ينشغل بأمور السياسة وقد ينشغل بالمال وجمعه وقد ينشغل بالمتع والشهوات، ولكن هل ينشغل الهم بالموت والآخرة ولقاء الله أم لا؟ وهل انشغاله بهذه الأمور أكبر من انشغاله بالأمور الأخرى؟
ـ لابد أن نعرف أولا على أي أساس ينشغل هم الإنسان؟:
ـ وظيفة الهم الطبيعية مصممة بحيث ينشغل الهم بالشيء الهام الخطير ولا ينشغل بالأمر التافه، وينشغل أكثر بأخطر شيء ثم الأقل في الخطورة والأهمية وهكذا.
ـ عدم انشغال الهم بأمر ما معناه الغفلة عن ذلك الشيء، فمثلا عدم انشغال الهم بالرياضة معناه أن الإنسان غافل عن الرياضة لا يقيم لها وزنا ولا قيمة فلا يراها تستحق أن تشغل همه، وكذلك عدم انشغال الهم بالموت والآخرة ولقاء الله معناه أن الإنسان غافل عن الموت والآخرة ولقاء الله لا يقيم لذلك وزنا ولا قيمة فلا يرى أن ذلك يستحق أن يشغل همه.
موقف الناس من الدين من ناحية الهم :
ـ ما هو أخطر شيء في حياة الإنسان على الإطلاق؟، هل هو الموت والآخرة ولقاء الله أم هو المال وجمعه أم هو التمتع بالدنيا وشهواتها أم هو المظاهر والمناصب وأمور السياسة أم الرياضة أم التسلية والسمر ومشاهدة التلفاز أم مشاكل وأعباء الحياة اليومية؟.
ـ كل الناس في العالم مسلمين وغير مسلمين يعلمون بوجود الآخرة في حقيقة أنفسهم وان قالوا غير ذلك وموقفهم إما التغافل عن الأمر أو انشغال الهم به.
ـ لو نظرت في هم أكبر رجل سياسي في العالم أو أكبر لاعب كرة في العالم أو أكبر ممثل في العالم أو أكبر رجل أعمال في العالم أو أكبر عالم في الذرة وسألته ما هو أخطر شيء يشغل همك؟ وهل الموت والآخرة ولقاء الله من ضمن همومك وهل هي أكبر همومك؟ إنه قد يعتبر أنك تسأله في أمر لا يخصه وقد يعتبر أن ذلك الأمر تافها، إن هذا الرجل لديه خلل في وظيفة الهم عنده، وفي هذا الكتاب نبين كيفية إصلاح هذا الخلل، لذلك لابد أن نبدأ الأمر من بدايته:
خطوات التعامل مع المعلومات:
1ـ استقبال المعلومة (عن طريق السمع والبصر)
2ـ العلم بها واليقين بها (عن طريق العقل)
3ـ تصور خطورة المعلومة وانشغال الهم بها (عن طريق الهم)
4ـ تأثر المشاعر بها (خوف المهابة من خطورة المعلومة والخضوع والحب وخوف العقاب ورجاء الثواب).
5ـ العمل بناءا على مدي أهمية وخطورة المعلومة (أثر تصور خطورة المعلومة)
ـ الخلل يحدث في الخطوة الثالثة (الهم) فتفسد جميع الخطوات، وهذا الكتاب هو شرح لهذا الخلل الذي يحدث في الهم وأثره في إفساد جميع هذه الخطوات الخمسة وبيان لهذه الخطوات، والله المستعان.
مفهوم انشغال الهم:
ـ شغل الهم بالأمر معناه التصور المستمر للأمر الهام، وبعبارات أخرى هو التدبر والتأمل والتفكر والتذكر المستمر للأمر الهام.
ـ وعدم شغل الهم بالأمر معناه الغفلة عن الأمر، أي عدم التصور للأمر.
ـ هم الإنسان مصمم بحيث ينشغل بالأمر الهام ولا ينشغل بالأمر التافه، فإذا علم الإنسان أمرا هاما وخطيرا فلابد أن ينشغل به الهم، فإذا لم يشغل به همه فهو بذلك يتعامل معه كأنه أمر تافه أو كأنه غير موجود.
ـ هم الإنسان إما أن ينشغل بالمال وأمور الدنيا وشهواتها ومشاكلها ومسئولياتها أو ينشغل بنزول كلام الله وتصور قدرة الله وآياته وخطورة الآخرة والموت وحقيقة النفس والدنيا والاستعداد للآخرة.
ـ هم الإنسان دائما مشغول، فكلما ابتعد الهم عن الدنيا كلما انشغل بالآخرة، والعكس صحيح، فإذا كان كل انشغال همه بالدنيا فلا وجود لله والآخرة في همه.
ـ كما أن حب الله والخوف منه ورجاءه والخضوع له والخوف من الآخرة لا تنشأ إلا من شغل الهم بتصور قدر الله وخطورة الآخرة وحقيقة الدنيا.
ـ فكلما زاد حب الدنيا نقص حب الله، وكلما زاد الخوف من أمور الدنيا نقص الخوف من الله والعكس صحيح، فما بالك إذا لم يكن هناك شيء من حب الله والخوف منه.