هدي النبي في المسح والتيمم
أبو الهيثم محمد درويش
وأمّا ما ذكر في صفة التيمم من وضع بطون أصابع يده اليسرى على ظهور اليمنى، ثم إمرارها إلى المرفق، ثم إدارة بطن كفه على بطن الذراع، وإقامة إبهامه اليسرى كالمؤذن، إلى أن يصل إلى إبهامه اليمنى، فَيُطبِقها عليها.
- التصنيفات: فقه الطهارة -
قال الإمام ابن القيم رحمه الله:
فصل: في هديه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في المسح على الخفين
صح عنه أنه مسح في الحضر والسفر، ولم يُنسخْ ذلك حتى تُوفي، ووقَّت للمقيم يوماً وليلة، وللمسافِر ثلاثَة أيام ولياليهن في عدة أحاديث حسان وصحاح، وكان يمسح ظاهر الخفين، ولم يصح عنه مسحُ أسفلهما إلا في حديث منقطع والأحاديث الصحيحة على خلافه، ومسح على الجوربين والنعلين، ومسح على العِمامة مقتصِرًا عليها، ومع الناصية، وثبت عنه ذلك فعلاً وأمرًا في عدة أحاديث، لكن في قضايا أعيان يُحتمل أن تكون خاصة بحال الحاجة والضرورة، ويُحتمل العموم كالخفين، وهو أظهر والله أعلم.
ولم يكن يتكلف ضِدَّ حاله التي عليها قدماه، بل إن كانتا في الخف مسح عليهما ولم يَنْزِعْهُمَا، وإن كانتا مكشوفتين، غسل القدمين، ولم يلبَسِ الخف لِيمسح عليه، وهذا أعدلُ الأقوال في مسألة الأفضل من المسح والغسل، قاله، شيخنا، والله أعلم.
فصل: في هديه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في التيمم
كان صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يتيمم بضربة واحدة للوجه والكفين، ولم يَصِحَّ عنه أنه تيمم بضربتين، ولا إلى المرفقين. قال الإِمام أحمد: من قال: إن التيمم إلى المرفقين، فإنما هو شيء زاده مِن عنده وكذلك كان يتيمم بالأرض التي يصلي عليها، ترابًا كانت أَوْ سَبِخَةً أو رملاً. وصح عنه أنه قال: « »، وهذا نص صريح في أن من أدركته الصلاة في الرمل، فالرمل له طهور.
ولما سافر هو وأصحابُه في غزوة تبوك، قطعوا تلك الرمال في طريقهم، وماؤهم في غاية القِلة، ولم يُرو عنه أنه حمل معه التراب، ولا أمر به، ولا فعله أحد من أصحابه، مع القطع بأن في المفاوز الرمالَ أكثر من التراب، وكذلك أرضُ الحجاز وغيره، ومن تدبر هذا، قطع بأنه كان يتيمم بالرمل، والله أعلم وهذا قول الجمهور.
وأمّا ما ذكر في صفة التيمم من وضع بطون أصابع يده اليسرى على ظهور اليمنى، ثم إمرارها إلى المرفق، ثم إدارة بطن كفه على بطن الذراع، وإقامة إبهامه اليسرى كالمؤذن، إلى أن يصل إلى إبهامه اليمنى، فَيُطبِقها عليها، فهذا مما يُعلم قطعًا أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يفعله، ولا علَّمه أحدًا من أصحابه، ولا أمر به، ولا استحسنه، وهذا هديُه، إليه التحاكُم، وكذلك لم يَصِحَّ عنه التيمُّمُ لكِل صلاة، ولا أمر به، بل أطلق التيمم، وجعله قائماً مقام الوضوء وهذا يقتضي أن يكون حكمُه حكمَه، إلا فيما اقتضى الدليل خلافه.