اليهود والذين أشركوا
لقد واجه اليهودُ الإسلامَ بالعداءِ منذُ الوهلةِ الأولى التي قامت فيها دولةُ الإسلامِ بالمدينةِ المنورة، وكادوا للأمة المسلمة منذ اللحظة الأولى التي أصبحت فيه أمة.
- التصنيفات: الواقع المعاصر -
لقد واجه اليهودُ الإسلامَ بالعداءِ منذُ الوهلةِ الأولى التي قامت فيها دولةُ الإسلامِ بالمدينةِ المنورة، وكادوا للأمة المسلمة منذ اللحظة الأولى التي أصبحت فيه أمة. ولقد تضمن كتاب الله عز وجل من التقريرات والإشارات عن هذا العداء وهذا الكيد ما يكفي وحده لتصوير تلك الحرب المريرة التي شنها اليهود على الإسلام وعلى رسول الإسلام صلى الله عليه وسلم وعلى الأمة المسلمة في تاريخها الطويل؛ والتي لم تخبُ لحظة واحدة قرابة أربعة عشر قرنًا، وما تزال حتى اللحظة يتسعر أوارها في أرجاء الأرض جميعًا..
ولقد عمدوا إلى استخدام كل ما تفتقت عنها عبقرية المكر اليهودية، وما أفادتها من قرون السبي في بابل، والعبودية في مصر، والذل في الدولة الرومانية من أسلحة ووسائل في عدائها للإسلام وأهله... ولقد أخفوا عداءهم لأمة الإسلام منذ اليوم الأول الذي جمع الله فيه شمل الأوس والخزرج على الإسلام، فلم يعد لهم في صفوفهم مدخل ولا مخرج، ومنذ أن حددت الأمة المسلمة قائدها وممسك زمامها محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم تعد لليهود منذئذٍ فرصة للتسلط!
إن الذي ألب الأحزاب وجمع بين اليهود من بني قريظة وغيرهم وبين قريش في مكة وبين القبائل الأخرى في الجزيرة على الدولة المحمدية الناشئة في المدينة.. يهودي..
والذي ألب العوام، وجمع الشراذم، وأطلق الشائعات، في فتنة مقتل عثمان بن عفان رضي الله عنه وما تلاها من النكبات.. يهودي..
والذي تزعم حملة الكذب والتلفيق في أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وفيما عداها من الروايات والسير.. يهودي..
ثم إن الخبيث الذي كان وراء حملة إثارة النزعات القومية في دولة الخلافة الأخيرة؛ وكذا وراء الانقلابات التي ابتدأت بعزل الشريعة عن الحكم واستبداله بـ(الدستور) في عهد السلطان عبد الحميد، ثم ختمت بإلغاء الخلافة جملة على يدي (البطل أتاتورك).. يهودي..
وسائر ما تلا ذلك من الحرب الممنهجة على طلائع البعث الإسلامي في كل أقطاب المعمور وراءه يهود!!
ثم لقد كان وراء النزعة المادية الإلحادية يهودي.. ووراء النزعة الحيوانية الجنسية يهودي.. ووراء معظم النظريات الهدامة لكل المقدسات والضوابط يهود!
ولقد كانت الحرب التي شنها اليهود على الإسلام أطول أمدًا، وأعرض مجالًا، من تلك التي شنها عليه المشركون والوثنيون -على ضراوتها- قديمًا وحديثًا.. إن المعركة مع مشركي العرب لم تمتد إلى أكثر من عشرين عامًا في جملتها. وكذلك كانت المعركة مع إمبراطورية فارس في العهد الأول. وأما في العصر الحديث فإن ضراوة المعركة بين الوثنية الهندية والإسلام ضراوة ظاهرة؛ ولكنها لا تبلغ ضراوة الصهيونية العالمية (التي تعد الماركسية مجرد فرع لها) وليس هناك ما يماثل معركة اليهود مع الإسلام في طول الأمد وعرض المجال إلا معركة الصليبية.
فإذا سمعنا الله سبحانه وتعالى يقول: {لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا} [المائدة:82] ويقدم اليهود في النص على الذين أشركوا.. ثم راجعنا هذا الواقع التاريخي، فإننا ندرك طرفًا من حكمة الله في تقديم اليهود على الذين أشركوا!!