(370) سورة الزخرف (1)
محمد علي يوسف
رحم الله زيد بن عمرو بن النفيل.. زيد الذي كان يعبد الله وحده في مكة قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم، وكان على الحنيفية ملة إبراهيم عليه السلام، في وقت كان كل من حوله في جزيرة العرب وآباؤهم وأجدادهم يسجدون لما صنعته أيديهم من أوثان، اللهم إلا رجلاً أو رجلين، لم يضر زيد أن كان وحيدًا في أمة مشركة، ولا دفعه تفرده لأن يترك الحق الذي يدين به، فاستحق أن يكون أمة وحده يوم القيامة.
- التصنيفات: القرآن وعلومه -
{بَلْ قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِم مُّهْتَدُونَ} [الزخرف:22].
{وَكَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِّن نَّذِيرٍ إِلاَّ قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِم مُّقْتَدُونَ} [الزخرف:23].
إنه التقليد المقيت الذي هو ضد الإدراك الصحيح المسؤول للحق والقناعة به، والثبات في سبيله، تقليد الأباء والأجداد، تقليد المجتمع والبيئة المحيطة، دون فهم ولا وعي ولا إدراك، لما عليه هذا المجتمع وتلك البيئة، من جهل وضلال..
هذا التقليد والاتباع الأعمى كان دومًا من أكبر الأسباب في صد جموع غفيرة من الناس عن طريق الحق، جموع لا تتصور طروق جديد عليهم، ولو كان ذاك الجديد هو الحق الذي لا مرية فيه، لا يتصورون فوات الحق علي ما يتوهمونه نبوغًا لآبائهم وسادتهم وكبرائهم! قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكُم بِأَهْدَى مِمَّا وَجَدتُّمْ عَلَيْهِ آبَاءَكُمْ قَالُوا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُم بِهِ كَافِرُونَ [الزخرف:24].
إنه لسان حال كثير من الإمعات اليوم، حين يتحججون على اتباعهم الأعمى، بقولهم العامي الشهير: "اللي زي الناس ما يتعبش"، إنها العقول المستريحة، التي لا تستطيع أن تقوم بحمل أمانة الحق إن لم تجد غيرها ممن يعضدها ويؤازرها.
رحم الله زيد بن عمرو بن النفيل، الذي يأتي يوم القيامة أمة وحده، بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين المسيح عليه السلام..!
زيد الذي كان يعبد الله وحده في مكة قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم، وكان على الحنيفية ملة إبراهيم عليه السلام، في وقت كان كل من حوله في جزيرة العرب وآباؤهم وأجدادهم يسجدون لما صنعته أيديهم من أوثان، اللهم إلا رجلاً أو رجلين، لم يضر زيد أن كان وحيدًا في أمة مشركة، ولا دفعه تفرده لأن يترك الحق الذي يدين به، فاستحق أن يكون أمة وحده يوم القيامة.
القضية ليست بالعدد، ولا بالصخب، ولا بمطلق ما عليه الناس من حال، أو ما توارثوه عن الآباء والأجداد.. القضية قضية صواب وخطأ وحق وباطل.. هذا ما ينبغي أن يبحث عنه الإنسان وإن خالف الآباء والأجداد.