أولادنا وأخطاؤنا التربوية (1)
باقة من الأخطاء وطرق معالجتها تم وضعها بين يدي الأهل في تربية أبنائهم.
- التصنيفات: تربية الأبناء في الإسلام -
التربية مهنة ـإذا صح التعبيرـ صعبة وشاقة؛ ولا ينبغي أن يمارسها إلا المربون الأكفاء ذوو تجربة وخبرة؛ فليس بالضرورة أن يحمل المربي شهادات نظرية عالية في التربية -وإن كان هذا مطلوبًا وليس شرطًا- وإنما أن يتصف أولًا: بحسن الخلق، والإخلاص في العمل، وحب مهنته، وأن يفهم أسلوب التعامل مع المُربَى -بضم الميم وفتح الراء والباء المشددة المفتوحة- والمرحلة العمرية التي هو فيها، ثم يدرك حاجاته وفق معرفته بخصائص النمو لدى من يقوم على شأنه.
والأهم من هذا هو متابعة الناشئ وتسجيل الملحوظات السلبية والإيجابية ليعرف كيف يعالج أو يعزز.
إنني ومن خلال مشاهداتي لأساليب المربين التي يستخدمونها لمعالجة سلوكيات أبنائهم أو تعزيزها سجلت بعض الأخطاء وطرق معالجتها التي أود أن أضعها بين يدي الآباء والأمهات والمربين، مسترشدين بها في أثناء تربيتهم أبناءهم أو طلبتهم.
وانطلاقًا من قول الشاعر:
وينشأ ناشئ الفتيان فينا *** على ما كان عوده أبوه
وقبل أن أستعرض بعض ما وجدت أنها سلبيات أو إيجابيات من الممارسات التربوية لدى المربين أحب أن أوضح حقيقة غير خافية، وهي أن سن الطفولة بنوعيها: الطفولة المبكرة والتي هي من الصف الأول الابتدائي وحتى الصف الثالث.
والطفولة المميزة والتي تبدأ من الصف الرابع وحتى الصف السابع (الأول المتوسط)؛ ثم تأتي مرحلة الفتوة، وتشمل الثالث المتوسط والأول الثانوي، ثم القوة وإثبات الذات واستقلال الشخصية، وتشمل الثاني الثانوي والثالث الثانوي، ثم مرحلة الرشد، والفهم والشعور بالمسؤولية، والسعي لبناء المستقبل، وعدم التمادي في الخطأ والارتياح لفعل الخير إن كان الشاب سويًا.
من الممارسات الخاطئة التي شاهدتها عند بعض المربين من الآباء والأمهات وغيرهم: أن أحدهم إذا عاقب ولده على فعل يستحق عليه العقاب -بعد نصحه مرارًا- فيعمد إلى أساليب موجعة وقاسية كالضرب المبرح، والحرمان من مرغوب فيه لديه، أو مقاطعته مدة، وهذه الأساليب العقابية المجدية والرادعة سرعان ما تفقد قيمتها وأثرها؛ بسبب العاطفة التي توضع في غير وقتها؛ لذلك يلجأ بعض المربين وبسرعة إلى مصالحة المعاقبين، فيفقد العقاب أهميته، وكان على القائمين على التربية ترك العقوبة تفعل فعلها؛ ثم تتم محاولة الاسترضاء بالطريق التي يقوم بها شخص آخر وسيطًا كأن يكون أمًا أو جدًا أو جدةً أو أخًا كبيرًا للمعاقب أو أو إلخ.
ومن الممارسات الخاطئة: التوجيه العائم للناشئة على أخطاء يمارسونها، ولكن المربي يدع الخاطئ، ولا يتابع نصحه له، ولا يراقبه كي يتأكد من قبول النصيحة وبيان أثرها على سلوك المنصوح.
ومن الممارسات الخاطئة: إغراق المنصوح المخطئ بسيل من المدح والثناء، أو العطاء الواسع الذي ينسيه ما هو عليه من الزلل؛ لذلك فالتعزيز ينبغي أن يكون بقدر وعلى فترات، وألا يكون مبالغا فيه.
ومن الأخطاء التي يقع بها المربون سواء كانوا آباء أو أمهات أو معلمين هي ترك المخطئ يتمادى في خطئه حتى تصبح الكُذَيْبَةُ كذبة!!! فلو قطع الخطأ قبل أن يكبر، لما أرهق المربون في معالجة الخطأ بعد أن ترك يسرح ويمرح كما يقال.
يظن بعض المربين أن التعزيز والتشجيع لا يكون إلا بالمحسوسات!!! فلقد تنجح البسمة أكثر من اللعبة، والكلمة الطيبة أكثر من الدراجة المشتراة أو الرحلة الموعودة.
هذه باقة من الأخطاء!! وطرق معالجتها، وسأواصل الحديث عنها في مقال آخر مؤكدًا على أن العمل شاق، ولكن لا بد من الصبر لننال الأجر أولًا، وبناء اللبنة الصالحة التي مع أخواتها يستقيم المجتمع، وتصفو الحياة.
مالك فيصل الدندشي
06 ربيع ثاني 1435هـ