(3) من المسجون؟

إياد قنيبي

في إحدى زيارات شقيقتي لي في السجن قالت لي أنها لمست في الزيارة السابقة مني فتورا وحزنا. فقالت لي أريدك أن تكون قويا كما عودتنا وألا تفتر أو تخاف. فرددت عليها بقصيدة بعنوان (من المسجون؟) أجسد فيها بعض المعاني السابقة...

  • التصنيفات: الحث على الطاعات -

في إحدى زيارات شقيقتي لي في السجن قالت لي أنها لمست في الزيارة السابقة مني فتورًا وحزنًا. فقالت لي أريدك أن تكون قويًا كما عودتنا وألا تفتر أو تخاف. فرددت عليها بقصيدة بعنوان (من المسجون؟) أجسد فيها بعض المعاني السابقة:

جاءتْني أختيَ في سِجني *** تَزدانُ ثباتًا وَوَقارا

 قالتْ قد جئتُكَ ناصحةً *** لأزيدَ بعزمكَ إصرارا

إياكَ فلا تَيْأسْ مَللاً *** واصبر وامتَلِئِ اسْتبشارا

 

لنْ ترقى في درجاتِ المجدِ *** إذا لم تلعقْ صَبَّارا

أَأُخيَّةُ لا تَخْشَيْ شيئاً *** فَشَقيقُكِ يعْرفُ ما اختارا

لا بد لمن قد حمل الدعوة *** أن يتحمل أضرارا

 

ما كان الله ليَتْرُكَنا *** حتى نَتَمَيَّزَ أبرارا

و يسوقَ إلى دركاتِ جهنمَ *** من قد نافق وتمارى

إن كنتُ لَفِي عَيشٍ رَغَدٍ *** لا أخشى فيه الأكدارا

 

مُمْتَلِئَ الجَيْبِ كثير الصَّحبْ *** حُرَّاً أَتنَقَّلُ أسفارا

ورُزِقْتُ قُبيل السجن *** بتَوْأَمتَيْنِ اسْتَبتَا الأنظارا

وإذا بي لاأُبصِر حولي *** إلا قُضباناً وجِدارا

 

وأساقُ وقيدٌ في رِجْليَّ *** لألقَى وَضْعاً جَوَّارا

والتهمةُ أني قد ساعدتُ *** رفاقَ المِلَّةِ إيثارا

إنْ نِمْتُ حلِمْتُ بأطفالي *** وذكرتُ إيابيَ والدارا

 

لو كان عنائيَ للدنيا *** لَلَقِيتِ شَقِيقَكِ خوَّارا

لكني أرجو مِن صبري *** في قُربِ الرحمن جِوارا

ولأَشْرَبَ كأساً مِن كافورْ *** أو عسلاً يجري أنهارا

 

وأُلَبِّيَ ما قد أمر الربُّ  *** عبادهُ كونوا أ نصارا

مسجونٌ لكنْ في صدري *** بستانٌ يزْخَرُ أزهارا

أقرأُ و أُدَوِّنُ أفكارا *** وأقومُ أٌصلي الأسحارا

 

أَتَدَبَّرُ إذْ أتلو القرآنَ *** لِكَيْ أكتشفَ الأسرارا

وأُؤَلِّفُ في أسبابِ الصبرِ *** ليرْضَى الناسُ الأقدارا

وتُحَلِّقُ روحيَ آخذةً *** من حُبّ الرحمن مدارا

 

أتزودُ في سِجني التقوى *** وعدوي يحملُ أوزارا

كم من أحرارٍ أُبْصِرُهُمْ *** كَسُكارى، ما هُمْ بِسُكارى

لكنْ قد دَرَجوا أنْ يَهِنوا *** ذُلَّاً ويعيشوا أصْفارا

 

قد هجروا الدينَ اسِتهْتَارا *** و بِجِدٍّ عبدوا الدينارا

إنْ غَضِبوا ليسَ لأجْلِ اللهْ *** لكنْ ما اسْتَغْلَوا أسعارا

وَلِنارِ جَهَنَّمَ ما اهتموا *** لكنْ أنْ يَجِدوا السولارا

 

بَدَلاً من كُرة الأرضِ *** قَفَوْا كرةً لِفَريقٍ يتبارى

فَمَنِ المسجونُ أنا أم هُمْ *** إنْ زدنا الأمرَ استبصارا

أَأُخيَّةُ لا تخشَيْ شيئاً *** فَشَقيقُكِ لمْ يفعل عارا

 

هل عارٌ أنْ نَدْفعَ *** إنْ دُنِّسَ عِرْضُ الأُمَّةِ وَنَغَارا

لمَّا أَسْرَرْنا الإنكارا *** وخَشِينا بَطْشاً و إسرارا

لَمْ نُعْطِ النَّشْءَ بأُمَّتِنا *** قُدُواتٍ تَمْتَلئُ فخارا

 

فاتَّخّذوا رَمْزَ بطولتهم *** مَنْ جَحَد الله كجيفارا

أَيليقُ بنا أتباع محمدَ *** أنْ نَتَمَثَّلَ جيفارا

مَنْ عبد الله القَهَّارَ *** ما كان يُجاري التيارا

 

منْ طَلَبَ العزةَ عند سوى *** الرحمنِ يُبَوِّئْهُ خَسارا

فَلِبَيْتِ عناكبَ قَدْ لَجَؤُوا *** بِدَمارٍ يَرْجون عمارا

أَرَأَيْتِ لتُونُسَ إذْ حاربَ *** مُجرمها الرحمنَ جِهارا

 

فَيُطارِدُ كلَّ محجبةٍ *** مِنْ أجْلِ استرْضاءٍ نصارى

يَتَمنَّى لو كان بأسفلِ *** أحذيةِ الكفار غبارا

و لِرُبع القرن يواليهمْ *** يرجو في الحكمِ استقرار

 

إنْ دخلوا جُحْرَ الضَّبِّ دخلْ *** يتملقُ ذُلَّاً وَ صغارا

لكنَّ فرنسا بمزبلةِ *** التاريخ رَمَتْهُ اسْتِقْذارا

أَأُخيَّةُ لا تَخْشَى شيئاً *** فَأخوكِ تَوَلَّى الجبارا

واللهُ يدافعُ عنا إذْ *** قَدْ وعدَ الفُجَّار تبارا