الحق أحق أن يتبع

المحن والشدائد والمواقف تفرز الرجال ومعادنهم ومبادئهم، وكل من تجاوز الحق تجاوزه التاريخ سواء كان إسلامي التوجه أو غير ذلك، سواء كان من حزب النور أو من اﻹخوان، أو من النخبة والمثقفين، أو المستقلين وغيرهم، سواء كان برهامي وبكار ومخيون وغيرهم..، أو كان محمد حبيب وكمال الهلباوي وغيرهم..، أو الطيب وعلي جمعه وغيرهم..

  • التصنيفات: الواقع المعاصر -

كلٌ يؤخذ من كلامه ويترك، إلا المعصوم صلى الله عليه وسلم..

واﻷصل في الطريق إلى الله عدم التعلق باﻷشخاص مهما كانوا: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ. أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ. وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا. وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ} [آل عمران:144].

 

والمحن والشدائد والمواقف تفرز الرجال ومعادنهم ومبادئهم، وكل من تجاوز الحق تجاوزه التاريخ سواء كان إسلامي التوجه أو غير ذلك، سواء كان من حزب النور أو من اﻹخوان، أو من النخبة والمثقفين، أو المستقلين وغيرهم، سواء كان برهامي وبكار ومخيون وغيرهم..، أو كان محمد حبيب وكمال الهلباوي وغيرهم..، أو الطيب وعلي جمعه وغيرهم..

 

وكل من يتساقط على الطريق هو حائد عن الحق في وجهة نظرنا، ونحن حائدون عن الحق في وجهة نظره، وستفرز اﻷيام القادمة مواقف جديدة ومبادرات ومبررات، وآراء يختلف فيها الناس اختلافًا جوهريًا، وما كان الحق والباطل أوضح منهما في يوم من اﻷيام مثلما هما اﻵن..

 

ومع هذا الوضوح يذل فيهما خلق كثير وأخشى ما أخشاه إذا نزل المسيح الدجال غدًا أن نختلف فيه، ولم نفرق بينه وبين المسيح عيسى بن مريم عليه السلام، وتذكروا أنه يعرف الرجال بالحق ولا يعرف الحق بالرجال، فلا تستوحشوا طريق الحق لضعف سالكيه وافتراء معارضيه..

 

وستتوالى المواقف الفاصلة الكاشفة الفاضحة الفارقة، لتسقط التعلق بالبشر والدول والنظم والمؤسسات، وغيرها من اﻷسباب لتتعلق القلوب بالله وحده رب اﻷسباب، لتتأكد وتطمئن القلوب إنما النصر من عند الله وحده، فلا ترجوا غيره، ولا تدعو سواه، ولا تطلب إلا منه، ولا تعتمد ولا تتوكل إلا عليه، فنفرده جل وعلا بالعبادة والدعاء، والخوف والرجاء، والركوع والسجود والخشوع، والذل والخضوع والافتقار، والتضرع والاستغاثة والتوكل والإنابة، فمنه وحده العون والمدد والغوث والظفر، ومنا الجهد وعليه التكلان..

 

واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، والنصر لا موعد له، ولا مكان له، ولا طريقة ثابته له، ولا أدوات له..

 

إنما النصر من عند الله يسبب له الأسباب ويأذن له بكن فيكون..

ولا بد أن نوقن أن الله يمهد ﻷمر عظيم، ولا بد له من تضحيات عظام فيد الله تعمل في الخفاء، تمهد لدينه وتغرس لدعوته، وتحفظ أولياءه وتنصر جنوده ليصنع الله أمرًا لدينه على أيدينا، واﻷمر كله لله الملك ملكه والكون كونه، ولا يكون في كونه وملكه إلا ما يريده سبحانه وتعالى، وكل شيء بقدر وليس لها من دون الله كاشفة، وهذه العقيــدة قوة عظمــى لا يعدلهـا قوة، لا إلى سلمى ولا إلى أجا، ولكن إلى الله الملتجأ.

وأن صاحب هذه العقيدة لن يضيعة الله، وما أحوجنا اليوم إلى يقظة ضمير قبل اﻷفكار والعلوم، والعقول واﻷحزاب، والاتجاهات السياسية والمبادرات، والمقالات والفتاوى..

 

يقظة ضمير تقدم المصالح العامة على الخاصة والشخصية والفئوية.

يقظة ضمير تدفع الظلم والطغيان وتحارب الفساد بكل صوره، وكل أفراده وكل مؤسساته، وتصدع بكلمة الحق عالية خفاقة في وجوه الظالمين..

يقظة ضمير تعلي شأن الوطن والمواطن، تحفظ كرامته وحريته، ومستقبله ودمه وعرضه، وماله من كل تطاول ونهب واستنزاف وإهدار وإفساد وسرقة.

يقظة ضمير تعلي مبادئ السماء وقيم الحق والعدل، والحرية وحقوق اﻹنسان.

 

ماهر إبراهيم جعوان

المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام