دَاوُوا قلوبَكم بهـذه

أبو فهر المسلم

مَن يقصد رؤيةَ الخلق بعمله؛ فقد مضى العملُ ضائعًا؛ لأنه غيرُ مقبولٍ عند الخالق، ولا عند الخلق، لأن قلوبَهم قد أُلْفِتَت عنه فقد ضاع العمل وذهَب العُمر..

  • التصنيفات: أعمال القلوب -

يا أحبَّـة دَاوُوا قلوبَكم بهـذه: "عجبتُ لمن يَتصنَّع للناس بالزُّهد؛ يرجو بذلك قُربَه من قلوبهم، ويَنسى أن قلوبَهم بيد مَن يعمل له! فإن رضِي عملَه ورآه خالصًا؛ لفَت القلوبَ إليه، وإن لم يرَه خالصًا؛ أعرَض بها عنه، ومتى نظرَ العاملُ إلى الْتِفات القلوب إليه؛ فقد زاحم الشركُ نِيَّتَه، لأنه ينبغي أن يَقنع بنَظر مَن يعمل له..

ومِن ضرورة الإخلاص ألا يقصد الْتِفاتَ القلوب إليه؛ فذاك يَحصُل لا بقصده بل بكراهته لذلك، وليعلم الإنسانُ أن أعماله كلَّها يعلمها الخلقُ جملةً، وإن لم يَطَّلعوا عليها، فالقلوب تَشهد للصالح بالصلاح، وإن لم يُشاهد منه ذلك..

فأمَّا مَن يقصد رؤيةَ الخلق بعمله؛ فقد مضى العملُ ضائعًا؛ لأنه غيرُ مقبولٍ عند الخالق، ولا عند الخلق، لأن قلوبَهم قد أُلْفِتَت عنه فقد ضاع العمل وذهَب العُمر" (ابن الجوزي رحمه الله، في صيد الخاطر).

 

قلتُ: يرحم الله ابنَ الجوزي ورضِي عنه، كم كان بصيرًا بخفايا النفوس؛ من عيوبٍ وآفات، فالإخلاص الإخلاص به النجاةُ والخلَاص..

المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام