(5) راجع نفسك

سارة بنت محمد حسن

من الذي أعطاك الذكاء والفطنة وعلمك العلم يا مسكين؟ فما بالي أراك تقول: إنما أوتيته على علم عندي!

  • التصنيفات: تربية النفس -

(31) إنني مظلوم دائمًا، إنهم يكرهونني، إنهم يضطهدونني، إنهم لا يتقبلون كلامي رغم أن معي حق لمجرد أنني أتطاول (!!)، إنهم يقابلون شدتي بمثلها (!!)، إنهم جميعًا مخطئون وأنا على صواب، ولكن أتعجب أنهم لا يقرون لي بهذا (!!)، إنهم...! توقف لحظة.. صواب وأنا فقط على.. خطأ أن يكون كل الناس على.. منطقيًا ليس... راجع نفسك... أي من أهل السنة والجماعة.

 

(32) ليس المتواضع من يلعن نفسه على ملأ، لكن المتواضع من يعرف قدر نفسه ويلزمه، وإذا تحدث أعطى لنفسه ولغيره مساحة من الأخذ والعطاء، وإذا سكت فلكي يتثبت ولا يتسرع، ثم يقر للحق أين ما كان، وهو لا يسىء الظن بإخوانه، بل يسىء الظن في فهمه لإخوانه، الفقيه النحرير وأنا أنا، رعاع كلكم: بلسان حالف يتكلم ويتحرك.. ولا ينظر للناس من برج عالٍ..

 

(33) أهم تجربة يحرص الكبير على أن يفيد بها الصغير ولا يستفيد منها إلا من وفقهم الله توفيقًا -وهم قليل- أنه لو كان الصغير في نفس موقف الكبير لفعل مثله، فلا يلومه على ذلك، بل يتفهم ويستعين بالله ويحاول التغيير، وتمر السنون ويتبع الصغير المعترض خطا الكبير المضطهد حذو الخطوة، فهل عرفتم لهذه التجربة اسمًا يليق بها؟

 

(34) ماذا ربحت يا مسكين إذا انتصرت على محاورك وأنت على خطأ؟ هلّا تركت لنفسك مساحة للتراجع.

(35) تحرك لساني للدعاء عليه، فتذكرت أنني إن استجيب لي فيه يضيق صدري ويغتم قلبي، ولا أنال إلا إنفاذ غل نفسي ولا أجر لي في ذلك ولا مزيد، فعدل اللسان عن الدعاء عليه إلى الدعاء له، فانزاح حمل وانشرح الصدر.

 

(36) لو أُمرتَ باختيار أقدارك لفوضتَ أمرك إلى الله اللطيف الخبير.. فعلام تتسخط؟

(37) الحمد لله الذي لم يكلفنا إرضاء (كل) الخلق وكلفنا فقط بإرضاء (بعض) الخلق -في غير معصيته- والعجب أننا -إلا من رحم الله- لم نجتهد إلا على إرضاء شخص واحد فقط: (أنا)! فلماذا لا نستشعر نعمة الأمر وتخفيفه فنسارع إليه من باب الحمد؟! اللهم ارزقنا بر الوالدين وصلة الأرحام والأقربين، ومودة العلماء الربانيين، وارزق الزوجات المسلمات حسن التبعل للأزواج يا أرحم الراحمين..

 

(38) ربما لا أكون عبقريًا متميزًا، ربما لا أكون مرموقًا في المجتمع، لكني سأضع بصمتي أينما حللت ونزلت، وسأنزع الماء مع النازعين وسأشارك في كل عمل تصل إليه يدي إذا كان يخدم دين الله..، لعل الله أن يغفر لي ويتقبل مني.

 

(39) ما وجدت في الإقبال على شأن النفس إلا خيرًا تصيب منه، ثم يتعدى لنفع الخلق بنصح صادق ورفق خافق، فإن من عرف نفسه حق المعرفة استحى من الخالق وترفق بخلقه.

 

(40) غرني الناس! عفوًا لا تجعل الآخرين شماعة أمراض قلبك..

(41) تعلمنا أول الأمر ألا نغضب لحظ نفس، فلما أصابنا العجب صرنا نحن حملة لواء الشرع دون غيرنا، بل صرنا نحن الشرع! فصار غضبنا للنفس غضب للشرع بزعمنا! توقف! لو كان الغضب لله لغضبنا كما يحب الله، فلا تلصق بالشرع ما ليس منه.

 

(42) إذا كان.. إذًا..، إذا كانت المقدمة صحيحة فقد تكون النتائج صحيحة، وقد لا تكون..، أما لو كانت المقدمة خاطئة فجزمًا النتائج خاطئة.. احذر المقدمات الخاطئة، وتأكد من موضع خطواتك واستعن بالله.

 

(43) كم نكذب؟! كم نخادع؟! كم نتشبع بما لم نعطى؟! قد يكون ذلك مفهومًا مع الناس، أما أن يفعله المرء مع نفسه! اللهم إنا نسألك العفو والسلامة في ديننا.. أقصد التوسع في التورية، وإلا فظني أن الكذب الصريح ليس ها هنا أهله!

 

(44) من الخذلان! ألا يفرق العبد بين غضبه لنفسه وغضبه لربه.. بَلِ الْأِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ [القيامة:14].

(45) عندما غبتُ ما افتقدوا إلا سوء خلقي، وشراسة طبعي وصوتي المرتفع، واعتراضي بحق أو بغير حق! نعم الفقد فقدك!

(46) ورفع يده وأهوى بها على وجه صاحبه وقال: ترفق بالناس أيها الغبي الأحمق! {أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ وَأَنتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ} [البقرة:44].

 

(47) من الذي أعطاك الذكاء والفطنة وعلمك العلم يا مسكين؟ فما بالي أراك تقول: إنما أوتيته على علم عندي!

(48) قالوا الإسلام يهضم المرأة حقها و(يكبتها) بالحجاب و(يحرمها) من متعة الاختلاط و(يقهرها) بالقوامة و(يذلها) بالتعدد عجبًا! لماذا إذًا يصرخ هؤلاء ليل نهار لهروب نسائهم من بيوتهم ودخولهن الإسلام، وزواجهن من المسلمين؟!

 

(49) قالوا علام الاجتهاد في الدعوة إلى الله، وهؤلاء الأعلام مشمرون بالليل والنهار، وما عندكم من العلم إلا قليل؟ فتفكرت لحظة ثم قلت: وما لي لا أنزع مع النازعين؟!

(50) شفاء العليل، وبرد الغليل، وسلوى المحزون، وسعة الصدور.. إيمانك أن ربك قدر عليك ما كان وما سيكون فلك الحمد يارب.

 

سارة محمد

المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام