الله أرحم بعباده من الأم بولدها

أحمد قوشتي عبد الرحيم

إن أمي كانت وما زالت -مذ كنت صغيرًا وحتى بلغت هذا المبلغ من العمر- تخشى علي الحر والبرد، ويشتد قلقها علي من يسير صداع، أو نوبة برد، أو ألم ضرس، أو وجع بطن، ولا تطيق أن ترى ابنها يتألم، فكيف يتصور أن تطرح في النار فلذة كبدها، بل هي تفديه بنفسها لو استطاعت، وكذلك حال كل الأمهات، وحالنا مع حبات قلوبنا من بنين وبنات.. وأنت يا كريم أرحم بنا من أمهاتنا

  • التصنيفات: شرح الأحاديث وبيان فقهها -

ومن تأمل هذا المعنى مليًا امتلأت نفسه رجاءً في ما عند الله من فضل ورحمة، وحسن ظنه بربه ومولاه، وازداد طمعه في أن يغفر له الغفور الرحيم، ويتجاوز عنه، ويجبر كسره، ويعامله بفضله وكرمه.

وفي الصحيحين عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، أَنَّهُ قَالَ: "قَدِمَ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسَبْيٍ، فَإِذَا امْرَأَةٌ مِنَ السَّبْيِ تَبْتَغِي، إِذَا وَجَدَتْ صَبِيًّا فِي السَّبْيِ أَخَذَتْهُ فَأَلْصَقَتْهُ بِبَطْنِهَا وَأَرْضَعَتْهُ، فَقَالَ لَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَتَرَوْنَ هَذِهِ الْمَرْأَةَ طَارِحَةً وَلَدَهَا فِي النَّارِ؟» قُلْنَا: لَا، وَاللهِ وَهِيَ تَقْدِرُ عَلَى أَنْ لَا تَطْرَحَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَلَّهُ أَرْحَمُ بِعِبَادِهِ مِنْ هَذِهِ بِوَلَدِهَا»".

والله إن أمي كانت وما زالت -مذ كنت صغيرًا وحتى بلغت هذا المبلغ من العمر- تخشى علي الحر والبرد، ويشتد قلقها علي من يسير صداع، أو نوبة برد، أو ألم ضرس، أو وجع بطن، ولا تطيق أن ترى ابنها يتألم، فكيف يتصور أن تطرح في النار فلذة كبدها، بل هي تفديه بنفسها لو استطاعت، وكذلك حال كل الأمهات، وحالنا مع حبات قلوبنا من بنين وبنات.

وأنت يا كريم أرحم بنا من أمهاتنا، وأرأف بأولادنا منا، وظننا فيك ألا تخيب رجاءنا، وأن تجيرنا من النار، وأن تدخلنا الجنة بلا سابقة عذاب ولا مناقشة حساب. 

المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام