من أعلى درجات الانهزام النفسي!
محمد علي يوسف
من أعلى درجات الانهزام النفسي؛ أن يعظُم قدر الطغاة والمستبدين في النفوس حتى تظن أنهم قد أحاطوا عِلمًا وقدرة بالأسباب، وأن كل ما حدث ويحدث من مُجرياتٍ وأحداثٍ إنما هو بقصدٍ منهم وتدبير ومكر من صُنعِ أيديهم..!
- التصنيفات: الواقع المعاصر -
ومن أعلى درجات الانهزام النفسي؛ أن يعظُم قدر الطغاة والمستبدين في النفوس حتى تظن أنهم قد أحاطوا عِلمًا وقدرة بالأسباب، وأن كل ما حدث ويحدث من مُجرياتٍ وأحداثٍ إنما هو بقصدٍ منهم وتدبير ومكر من صُنعِ أيديهم..!
فيُفسِد هذا الظن على الناس فألهم الحسن، ويتسرَّب إلى نفوسهم اليأس من حيث لا يشعرون، وينسون -في خِضمِّ تعظيمهم المستتر للطغاة وانبهارهم الخفي بهم- أن إلهًا عظيمًا قديرًا يمكر فوق مكرهم، وأن مكر أولئك هو يبور، وأنهم ما يمكرون إلا بأنفسهم وما يشعرون وأن الله هو خير الماكرين..
مساحةٌ دقيقة تلك التي بين الحذر والتربُّص والحيطة وبين التعظيم المَرَضي للطغاة والخوف المذموم من الظالمين الجبارين..
هذه المساحة تذوب بسهولةٍ إلا عند أهل العقيدة حيث يُعلِّقون قلوبهم بالله، ويعتقدون دائمًا أن له التصريف والإحاطة بخلقه وأن مبدأ الأمر ومنتهاه بين يدي ملك الملوك وربّ الأرباب.