{وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ}

أحمد كمال قاسم

نجد هاهنا رسالة لأولئك الذين يشعرون بالدونية لحجمهم مقارنة بحجم هذا الكون المترامي الأطراف، رسالة أُسميها "رسالة التسخير" فإن الله قد سخَّر لك السماوات والأرض والقوانين التي تحكمهما بحيث تكون مجاورًا لعددٍ لا نهائي من نقاطه! وذلك عن طريق حاسة البصر، فإنها تطوي المسافات فتجعلنا قادرين على أن ندرس تركيب النجوم البعيدة عن طريق الضوء -الذي يصل بين النقاط المتصلة وكأنه يخيط نسيج الكون بعضه ببعض-، الذي يصل أعيننا.

  • التصنيفات: الإعجاز العلمي - الطريق إلى الله - الإسلام والعلم -

إن نظرت لنفسك أنك مخلوق رباعي البعاد -زمانًا ومكانًا مندمجين- فستكتشف عجبًا! ستُخبِرك نظرية النسبية أن البُعد الزمكاني -في الإحداثيات الأربعة زمانًا ومكانًا- بينك الآن وبين الشمس -على بُعد ثمان دقائق ضوئية مكانية- من ثمان دقائق فاتت هو صفر متر[1]!

والمسافة بينك وبين نجم على بُعد مائة سنة ضوئية مكانية من زمن مائة سنة هو صفر أيضًا! وذلك لأن مسارات الضوء في الفضاء الرباعي الأبعاد هي مسارات صفرية "المسافة الزمكانية بين أي نقطتين على المسار = صفر متر".

إنه شيء مدهش حقًا هذا الكون الذي نسكنه! فإننا إن اعتبرنا الفضاء الزمكاني هو الفضاء المُطلق -وليس النسبي مثل المكان والزمان-، فإننا "مُطلقًا" مُلتصِقون -بُعدنا صفر عن- بعددٍ هائل من نقاط هذا الفضاء من مكاننا الرباعي الأبعاد هذا إلى أقصى أغوار هذا الكون الكبير المُتَّسِع الذي نعيش فيه، وكأننا مُتحدون بهذا الكون كله بهذا المفهوم وفي هذا الإطار، وكأننا عندما نرى الشمس -نرى سطحها من ثمان دقائق- فإننا نلامس الشمس بأعيننا دون أن تحترِق، وكأن الشمس -من ثمان دقائق- وبقعة الضوء التي تُسبِبها داخل تجويف أعيننا على الشبكية الآن لا يفصل بينهما أي مسافة زمكانية فهما "ملتصقان" تمامًا.

ونجد هاهنا رسالة لأولئك الذين يشعرون بالدونية لحجمهم مقارنة بحجم هذا الكون المترامي الأطراف، رسالة أُسميها "رسالة التسخير" فإن الله قد سخَّر لك السماوات والأرض والقوانين التي تحكمهما بحيث تكون مجاورًا لعددٍ لا نهائي من نقاطه! وذلك عن طريق حاسة البصر، فإنها تطوي المسافات فتجعلنا قادرين على أن ندرس تركيب النجوم البعيدة عن طريق الضوء -الذي يصل بين النقاط المتصلة وكأنه يخيط نسيج الكون بعضه ببعض-، الذي يصل أعيننا.

وهل هناك أعظم من تسخير الكون ليكون في متناول عِلمنا على قدر اجتهادنا؟!  

يا له من تسخيرٍ جليل، ونعمة بالغة...

قال تعالى: {أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللهَ سَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً وَمِنَ النَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي اللهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُّنِيرٍ} [لقمان:20].

{سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ . وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ . وَالْحَمْدُ لِلهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الصافات:180-182].

والله تعالى أعلى وأعلم.

ـــــــــــــــــــــــــــ

(1]- (وذلك لأن البُعد الزمني هو بعد يقاس بعدد تخيلي -عدد حقيقي مضروب في الجذر التربيعي لسالب واحد-، وبالتالي من الممكن أن يكون طول وتر المثلث في هذا الفضاء صفر حيث يلاشي مجموع مربعات الأبعاد المكانية مربع البُعد الزمني "رقم سالب").

المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام