الجهل بعلم السلف الصالح...!
فاعلم: أن الجهل بأقوالهم وتصرفاتهم وفقههم من أعظم أسباب الانحراف عن التوحيد والشريعة.
- التصنيفات: أخبار السلف الصالح -
بعد أن يستقر في القلب تقدم السلف (1) من الصحابة أصالة ومن جاء بعدهم تبعًا بإحسان إلى يوم الدين في العلم والإيمان.. فاعلم: أن الجهل بأقوالهم وتصرفاتهم وفقههم من أعظم أسباب الانحراف عن التوحيد والشريعة.
فمن جاء بعدهم، من التابعين وتابعيهم إلى زمن الأئمة المتبعين مثل مالك والشافعي وأحمد... كانوا على هداهم سائرين، وعلى نهجهم سالكين، ولطريقتهم موقرين. وكانت عندهم آثارهم يروونها كما يروون السنن النبوية، فكانوا أعلم بشؤونهم، وأدرى بإجماعهم واختلافهم، وأفقه لسبيلهم... فلم يشاقوهم.
"وأما المتأخرون، الذين لم يتحروا متابعتهم وسلوك سبيلهم، ولا لهم خبرة بأقوالهم وأفعالهم، بل هم في كثير مما يتكلمون به في العلم ويعملون به، لا يعرفون طريق الصحابة والتابعين في ذلك، من أهل الكلام والرأي والزهد والتصوف، فهؤلاء تجد عمدتهم في كثير من الأمور المهمة في الدين إنما هو عما يظنونه من الإجماع، وهم لا يعرفون في ذلك أقوال السلف البتة، أو عرفوا بعضها ولم يعرفوا سائرها.
فتارة يحلون الإجماع ولا يعلمون إلا قولهم وقول من ينازعهم من الطوائف المتأخرين؛ طائفة أو طائفتين أو ثلاث، وتارة عرفوا أقوال بعض السلف، والأول كثير في مسائل أصول الدين وفروعه، كما تجد كتب أهل الكلام مشحونة بذلك، يحكون إجماعًا ونزاعًا، ولا يعرفون ما قال السلف في ذلك البتة، بل قد يكون قول السلف خارجًا عن أقوالهم، كما تجد ذلك في مسائل أقوال اللّه وأفعاله وصفاته، مثل مسألة القرآن والرؤية والقدر وغير ذلك"(2).
فإن قيل: فما الطريق إلى معرفة علمهم وفقههم ومنهجهم؟
والجواب: قد تولى هذا طائفة من المصنفين من أهل الحديث، فجمعوا جملة نافعة غير قليلة من أقوالهم وأفعالهم مثل مالك في موطئه وابن أبي شيبة وعبد الرزاق في مصنفيهما وابن حزم في محلاه وغيرهم في أجزاء حديثية مثل كتب الزهد والإيمان والعلم والتوحدي والسنة وغيرها.
وقد تصدى بعض المعاصرين لجمع ذلك، منهم عاطف بن عبد الوهاب حماد فألف موسوعة في الآثار القولية والفعلية للخلفاء الخمسة خاصة، أي الأربعة ومعهم الحسن بن علي سمى كل جزء (جامع الآثار القولية والفعلية الصحيحة للخليفة)، وهي من أجمعها فيما رأيت وهي ممتعة بحق.
وثم مؤلفات أخرى لبعضهم أو للصحابة عمومًا في بعض أبواب الفقه أو في جميعها.
وأنصح بتحميلها فهي حقًا جديرة بذلك، لتتعرف على علم سلفك الصالح...!
طارق الحمودي
_______________________
[1]- يعتقد بعض المتأخرين من المتكلمين أن طريقة السلف أسلم، وطريقة الخلف أعلم... وهو خطأ قبيح، فطريقة السلف أسلم لأنها أعلم.
[2]- ابن تيمية في الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان.