يباهي الله بهم ملائكته
لنُطلق روحنا من عِقالها وننقِّها من شوائبها وأوضارها، حتى تزهر مصابيح اليقين في قلوبنا، ونكون من زمرة المقربين إلى رب العالمين ممن بشّرهم في كتابه الكريم: {الأَخِلاَّءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلاَّ الْمُتَّقِينَ . يَا عِبَادِ لا خَوْفٌ عَلَيْكُمْ الْيَوْمَ وَلا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ . الَّذِينَ آمَنُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا مُسْلِمِينَ . ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنْتُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ تُحْبَرُونَ}.
- التصنيفات: الذكر والدعاء - الطريق إلى الله -
فلك الحمد يا ألله على نِعَمك التي لا تُعدّ ولا تُحصى، ولك الحمد والثناء على أن تفضّلت علينا وأنعمت بأجلّ نعمة وهي نعمة الإسلام، فكيف لا يكتوي القلب بحب من يَجزي بالحسنات، ويجيب الدعوات، ويقيل العثرات، ويغفر السيئات، ويكشف الكُرُبات، ويستر العورات! فهو أجلّ مَن ذُكِر، وأَوْلى من شُكِر، وأحقّ من عُبِد، وأجدَرُ من حُمِد.
فلنفتش عن قلوبنا في مجالس العلم والإيمان، في المجالس التي جعلها الله رياضاً من رياض الجنّة؛ فعن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: « »، قال: وما رياض الجنة؟ قال: « » (الترمذي في سننه:3509، حسن غريب). أجل إنّ ذِكْر الله تعالى مع الصحبة الصالحة قُوت القلوب وروحها، يجلو صدأها ويحط خطاياها، ذلك أنّ في القلوب شعثاً لا يلمّه إلا الإقبال على الله، وفيها وَحشة لا يزيلها إلا الأُنس بالله والفرار إلى الله، وأكرم الخلق إليه مَن لا يزال لسانه رطباً من ذكر الله.
ورضي الله عن عبد الله بن رواحة، كان إذا رأى واحداً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم هرع إليه قائلاً: "تعالَ نُؤمنْ بربنا ساعة"، ويَبْلُغُ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فيقول: « » (الترغيب والترهيب:333/2، إسناده حسن).
يا لها من مجالس تعبق منها روائح النور والإيمان، والسكينة والاطمئنان، والصفاء والنقاءً تتلاقى فيها القلوب، وتتعانق المشاعر، وتفيض المآقي، وتخشع الجوارح.
إن الذي يجالس الصالحين يسعد بصحبتهم، وينتفع بصلاحهم، ويُغفَر له بوجوده معهم ولو لم يكن منهم تُصيبُه نفحاتُهم، وتشمله بركاتُهم بصدق عبوديتهم، وحُسْن أدبهم، وزكاء نفوسهم.
فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: « » (رواه مسلم).
لنتذوّق حلاوة الإيمان، ونَدخل مدرسة الإقبال على الله، مدرسة الذاكرين الخاشعين المُخْبتين الذين لو أقسم أحدهم على الله لأبرّه، لنُطلق روحنا من عِقالها وننقِّها من شوائبها وأوضارها، حتى تزهر مصابيح اليقين في قلوبنا، ونكون من زمرة المقربين إلى رب العالمين ممن بشّرهم في كتابه الكريم: {الأَخِلاَّءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلاَّ الْمُتَّقِينَ . يَا عِبَادِ لا خَوْفٌ عَلَيْكُمْ الْيَوْمَ وَلا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ . الَّذِينَ آمَنُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا مُسْلِمِينَ . ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنْتُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ تُحْبَرُونَ} [الزخرف:67-69].
أمينة أحمد زاده