(6) علامات الساعة الصغرى (4/4)

عمر سليمان الأشقر

استفاضة المال، تسليم الخاصَّة، وفشو التجَارة، وقطع الأرحََام، اختلال المقاييس، شرطة آخر الزمَان الذين يجلدون الناس.

  • التصنيفات: أشراط الساعة -

تابع العلامات الصغرى التي وقعت، ولا تزال مستمرة، وقد يتكرر وقوعها

- استفاضة المال:

من علامات الساعة كثرة المال، حتى إن الرجل يعطى المائة دينار من الذهب فيراها قليلة، ويبحث صاحب المال عن رجل فقير يقبل منه صدقة ماله فلا يجد، فقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم لعوف بن مالك، وكان آن ذاك في غزوة خيبر: «اعدد ستًا بين يدي الساعة» فذكرها، ومنها: «استفاضة المال، حتى يعطى الرجل مائة دينار فيظل ساخطاً» (رواه البخاري).

وعن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا تقوم الساعة حتى يكثر فيكم المال، فيفيض حتى يُهِم ربُّ المال من يقبل منه صدقة، ويدعى إليه الرجل، فيقول: لا أرَبَ لي فيه» (رواه مسلم). والمراد بقوله: «يُهِم ربُّ المال» أي: يحزنه، لأنه لا يوجد المحتاج الذي يبذل له المال، وقوله: «لا أرَبَ لي فيه» أي: لا حاجة لي به.

ويبدو أن هذا يقع في أكثر من زمان، فقد وقع في عصر عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه، فقد أخرج يعقوب بن سفيان في تاريخه من طريق عمر بن أسيد بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب، قال: "لا والله ما مات عمر بن عبد العزيز حتى جعل الرجل يأتينا بالمال العظيم، فيقول: اجعلوا هذا حيث ترون في الفقراء، فما يبرح حتى يرجع بماله، يتذكر من يضعه فيهم، فلا يجد فيرجع به، قد أغنى عمر بن عبد العزيز الناس". وسيأتي عند ذكر المهدي إيراد الأحاديث التي تذكر أنه سيكون خليفة يحثو المال حثوًا، وسيأتي عند ذكر عيسى ذكر الأحاديث التي تذكر استفاضة المال في وقته، حتى لا يقبله أحد.


- تسليم الخاصَّة، وفشو التجَارة، وقطع الأرحََام:

روى أحمد في مسنده بإسناد صحيح، عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن بين يدي الساعة تسليم الخاصة، وفشو التجارة، حتى تعين المرأة زوجها على التجارة، وقطع الأرحام، وشهادة الزور، وكتمان شهادة الحق، وظهور القلم». ومراده بتسليم الخاصة أن لا يسلم المسلم إلا على من يعرفه، وهذا الذي أخبرنا به الرسول صلى الله عليه وسلم قد وقع كله من قبل، وهو ظاهر مشاهد في زماننا، وهو في كثرة بإطراد وازدياد، والله المستعان.


- اختلال المقاييس:

أخبرنا الرسول صلى الله عليه وسلم أن المقاييس التي يُقَوَّم بها الرجال تختل قبل قيام الساعة، فيقبل قول الكذبة ويصدق، ويرد على الصادق خبره، ويؤتمن الخونة على الأموال والأعراض، ويخون الأمناء ويتهمون، ويتكلم التافهون من الرجال في القضايا التي تهم عامة الناس، فلا يقدمون إلا الآراء الفجّة، ولا يهدون إلا للأمور المُعْوجة. عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «سيأتي على الناس سنوات خداعات، يُصدَّق فيها الكاذب، ويكذَّب فيها الصادق، ويؤتمن فيها الخائن، ويخوَّن فيها الأمين، وينطق فيها الرويبضة». قيل: وما الرويبضة؟ قال: «الرجل التافه، يتكلم في أمر العامة» (رواه أحمد). ومن تأمل في أحوال عالمنا اليوم وجد أننا نعيش هذا العصر الذي أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم عنه، فالكذبة من الكفار والمشركين الذين يملكون وكالات الأنباء والإذاعات ومن على طريقهم يصدَّقون، وأهل الصدق والعدل يكذَّبون، والأمة الإسلامية تضع أموالها في أيدي الخونة الكفرة، ويؤتمنون على ذلك، ويخون المسلمون ولا يؤتمنون على شيء من ذلك، وقد تكلم في شؤون العالم التافهون من الرجال، وقادوه قيادة هوجاء توشك أن تدمر البشرية جمعاء.


- شرطة آخر الزمَان الذين يجلدون الناس:

يكثر الظلم في آخر الزمان، حتى إن الرجال الذين يوكل إليهم القيام على الأمن وردع الظالمين يفسدون، فإذا بهم يتحولون إلى ظلمة يجلدون ظهور العباد بسياطهم، وهذا كثير مشاهد في ديار الإسلام اليوم. عن أبي أمامة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يكون في آخر الزمان رجال معهم سياط كأنها أذناب البقر، يغدون في سخط الله، ويروحون في غضبه» (صححه الألباني). وخبر هؤلاء ومصيرهم مذكور؛ روى أبو هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «صنفان من أهل النار لم أرهما: قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس، ونساء كاسيات عاريات، مميلات مائلات، رؤوسهن كأسمنة البخت المائلة، لا يدخلن الجنة، ولا يجدن ريحها، وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا» (رواه مسلم).

 

(من كتاب: القيامة الصغرى)