(11) الملحمة وخروج الدجال

عمر سليمان الأشقر

تابع العلامات الكبرى من الملحمة وفتح القسطنطينية وخروج الدجال والقحط والمجاعة قبل خروجه

  • التصنيفات: أشراط الساعة -

تابع العلامات الكبرى

- فتنة الدجال:

فتنة الدجال تقع في آخر الزمان، وهي إحدى أشراط الساعة الكبرى، وفتنته من أعظم الفتن التي تمر على البشرية عبر تاريخها. ومن أجل ذلك فإن جميع الأنبياء حذروا أقوامهم من فتنته، ولكن رسولنا صلى الله عليه وسلم كان أكثر تحذيرًا لأمته منه.

ففي صحيح البخاري عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، قال: قام رسول الله صلى الله عليه وسلم في الناس، فأثنى على الله بما هو أهله، ثم ذكر الدجال، فقال: «إني لأنذركموه، وما من نبي إلا أنذره قومه، ولكني سأقول لكم فيه قولاً لم يقله نبي لقومه، إنه أعور وإن الله ليس بأعور» (رواه البخاري).

وعن أنس رضي الله عنه، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «ما بعث نبي إلا أنذر أمته الأعور الكذاب، ألا إنه أعور وإن ربكم ليس بأعور، وإن بين عينيه مكتوب كافر» (رواه البخاري ومسلم).

وعن أبي أمامة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «يا أيها الناس، إنها لم تكن فتنة على وجه الأرض، منذ ذرأ الله ذرية آدم أعظم فتنة من الدجال، وإن الله عز وجل لم يبعث نبياً إلا حذر أمته من الدجال، وأنا آخر الأنبياء، وأنتم آخر الأمم، وهو خارج فيكم لا محالة» (صححه الألباني).

 

- السر في تسميته بالمسيح الدجال:

يقول ابن الأثير: "سمي الدجال مسيحاً، لأن عينه الواحدة ممسوحة، والمسيح: الذي أحد شقي وجهه ممسوح، لا عين له ولا حاجب، فهو فعيل بمعنى مفعول، بخلاف المسيح عيسى ابن مريم، فإنه فعيل بمعنى فاعل، سمي به، لأنه كان يمسح المريض فيبرأ بإذن الله، والدجال: الكذاب".

وسمي دجالاً -كما يقول ابن حجر-: "لأنه يغطي الحق بباطله، ويقال: دجل البعير بالقطران إذا غطاه، والإناء بالذهب إذا طلاه...، وقال ابن دريد: سمي الدجال، لأنه يغطي الحق بالكذب، وقيل: لضربه نواحي الأرض... وقيل: بل قيل ذلك، لأنه يغطي الأرض".

 

- حال المسلمين في العصر الذي يخرج فيه الدجال:

قبيل خروج الدجال يكون للمسلمين شأن كبير، وقوة عظيمة، ويبدو أن خروجه إنما هو للقضاء على تلك القوة، ففي ذلك الوقت يصالح المسلمون الروم، ويغزون جميعاً عدواً مشتركاً فينصرون عليه، ثم تثور الحرب بين المسلمين والصليبين وتقع الملحمة.

 

- الملحمة وفتح القسطنطينية:

والملحمة معركة كبيرة هائلة تقع بين المسلمين والصليبيين، وقد جاء أكثر من حديث يصف هذه المعركة وهولها، وكيف يكون صبر المسلمين فيها، ثم يكون النصر لهم على أعدائهم، ويلاحظ أنه يكون في صفوف المسلمين أعداد كبيرة من النصارى الذين أسلموا وحسن إسلامهم...

عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا تقوم الساعة حتى ينزل الروم بالأعماق، أو بدابق» -(موضعان بالشام قرب حلب)-، «فيخرج لهم جيش من المدينة، من خيار أهل الأرض يومئذ، فإذا تصافوا قالت الروم: خلوا بيننا وبين الذين سبوا منا نقاتلهم، فيقول المسلمون: لا، والله لا نخلي بينكم وبين إخواننا، فيقاتلونهم، فيهزم ثلث لا يتوب الله عليهم أبداً، ويقتل ثلث أفضل الشهداء عند الله، ويفتتح الثلث، لا يفتنون أبداً، فيفتتحون قسطنطينية» -(هذا فتح آخر غير الذي تم على يد محمد الفاتح)-، «فبينما هم يقتسمون الغنائم، قد علقوا سيوفهم بالزيتون، إذ صاح فيهم الشيطان: إن المسيح قد خلفكم في أهليكم، فيخرجون وذلك باطل، فإذا جاؤوا الشام خرج، فبينما هم يعدون للقتال، يسوون الصفوف، إذ أقيمت الصلاة، فينزل عيسى ابن مريم صلى الله عليه وسلم فَأَمَّهم، فإذا رآه عدو الله ذاب كما يذوب الملح في الماء فلو تركه لانذاب حتى يهلك، ولكن يقتله الله بيده، فيريهم دمه في حربته» (رواه مسلم).

وقد حدثنا الرسول صلى الله عليه وسلم في حديث آخر عن هول تلك المعركة، وعن الفدائية التي تكون في صفوف المسلمين، حتى إن مجموعات من المسلمين يتبايعون على القتال حتى النصر أو الموت ثلاثة أيام متوالية، ويبدو أن أعداد المسلمين في تلك الأيام قليلة، بدليل أن المسلمين ينتصرون عندما يصلهم المدد من بقية أهل الإسلام.

 

- القحط والمجاعة قبل خروج الدجال:

يبتلى الناس قبيل خروج الدجال بلاءً شديداً، فتمنع السماء القطر، وتحبس الأرض النبات، عن أبي أمامة أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: «إن قبل خروج الدجال ثلاث سنوات شداد، يصيب الناس فيها جوع شديد، يأمر الله السماء في السنة الأولى أن تحبس ثلث مطرها، ويأمر الأرض أن تحبس ثلث نباتها، ثم يأمر السماء في السنة الثانية فتحبس ثلثي مطرها، ويأمر الأرض فتحبس ثلثي نباتها، ثم يأمر السماء في السنة الثالثة فتحبس مطرها كله، فلا تقطر قطرة، ويأمر الأرض فتحبس نباتها كله، فلا تنبت خضراء، فلا يبقى ذات ظلف، إلا هلكت إلا ما شاء الله». قيل: فما يُعيش الناس في ذلك الزمان؟ قال: «التهليل، والتكبير، والتحميد، ويجزئ ذلك عليهم مجزأة الطعام» (صححه الألباني).

 

(من كتاب: القيامة الصغرى)