(16) ابن صياد والدجال

عمر سليمان الأشقر

ابن صياد رجل من يهود المدينة، اسمه صاف، كان شبيهًا بالدجال في كثير من صفاته،

  • التصنيفات: أشراط الساعة -

تابع العلامات الكبرى

تابع الحديث عن فتنة الدجال

 

- ابن صياد والدجال:

ابن صياد رجل من يهود المدينة، اسمه صاف، كان شبيهًا بالدجال في كثير من صفاته، وكان الرسول صلى الله عليه وسلم مشككًا في أمره، وقد حاول الرسول صلى الله عليه وسلم أكثر من مرة كشف أمره ومعرفة حقيقته، وهذا يدلنا على أنه لم يوح له في أمره شيء.

فقد روى مسلم في صحيحه عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه أن عمر بن الخطاب انطلق مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في رهط قِبَل ابن صياد حتى وجده يلعب مع الصبيان عند أطُمِ بني مغالة، وقد قارب ابن صياد يومئذ الحلم، فلم يشعر حتى ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم ظهره بيده. ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لابن صياد: «أتشهد أني رسول الله؟» فنظر إليه ابن صياد، فقال: أشهد أنك رسول الأميين. فقال ابن صياد لرسول الله صلى الله عليه وسلم: أتشهد أني رسول الله؟ فرفضه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال: «آمنت بالله وبرسوله» .

ثم قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ماذا ترى؟» قال ابن صياد: يأتيني صادق وكاذب، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: «خلط عليك الأمر». ثم قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إني قد خبأت لك خبيئًا»، فقال ابن صياد: هو الدخ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اخسأ فلن تعدو قدرك»، فقال عمر بن الخطاب: ذرني يا رسول الله، أضرب عنقه، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن يكنه فلن تسلط عليه، وإن لا يكنه فلا خير لك في قتله».

وقد خرج إليه الرسول صلى الله عليه وسلم مرة أخرى؛ فعن سالم بن عبد الله قال: سمعت عبد الله بن عمر يقول: انطلق بعد ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبي بن كعب الأنصاري إلى النخل التي فيها ابن صائد، حتى إذا دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم النخل، طفق يتقي بجذوع النخل، وهو يختل أن يسمع من ابن صياد شيئًا، قبل أن يراه ابن صياد، فرآه رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مضطجع على فراش في قطيفة، له فيها زمزمة، فرأت أم صائد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو يتقي بجذوع النخل، فقالت لابن صائد: يا صاف (وهو اسم ابن صياد) هذا محمد، فثار ابن صياد، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لو تركَتْهُ لبيَّن».

قال النووي في شرحه على مسلم في ابن صياد: قال العلماء: وقصته مشكلة، وأمره مشتبه في أنه هو المسيح الدجال المشهور أم غيره، ولا شك في أنه دجال من الدجاجلة، قال العلماء: وظاهر الأحاديث أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يوح إليه بأنه المسيح الدجال، ولا غيره، وإنما أوحي إليه بصفات الدجال، وكان في ابن صياد قرائن محتملة، فلذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يقطع بأنه الدجال ولا غيره، ولهذا قال لعمر: إن يكن هو فلن يستطيع قتله، وقد كان عمر بن الخطاب يجزم بأن ابن صائد هو الدجال، وكذلك عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، فقد روى أبو داود بإسناد صحيح عن ابن عمر أنه كان يقول: والله ما أشك أن ابن صائد هو المسيح الدجال.

وقد مكث ابن صائد بعد الرسول مدة من الزمان، وادعى أنه أسلم، ولكن الناس لم يثقوا بإسلامه، وبقوا يتشككون في أمره.

(من كتاب: القيامة الصغرى)