(17) الدجال في خبر تميم الداريّ
عمر سليمان الأشقر
كان تميم الداري رضي الله عنه يركب البحر فحدثت عاصفة ألجأتهم إلى جزيرة وهناك رأى المسيح الدجال وكلمه.
- التصنيفات: أشراط الساعة -
تابع العلامات الكبرى
تابع الحديث عن الدجال
- الدجال في خبر تميم الداريّ:
روى مسلم في صحيحه عن فاطمة بنت قيس، أخت الضحاك بن قيس أنها سمعت منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم ينادي: الصلاة جامعة، فخرجت إلى المسجد، قالت: فصليت مع رسول الله، فكنت في صفّ النساء التي تلي ظهور القوم، فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاته، جلس على المنبر وهو يضحك، فقال: «ليلزم كل إنسان مصلاه»، ثم قال: «أتدرون لم جمعتكم؟» قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: «إني، والله ما جمعتكم لرغبة ولا لرهبة، ولكن جمعتكم، لأن تميماً الداري، كان رجلاً نصرانياً، فجاء، فبايع وأسلم. وحدثني حديثاً وافق الذي كنت أحدثكم عن مسيح الدجال».
«حدثني أنه ركب في سفينة بحرية، مع ثلاثين رجلاً من لخم وجذام، فلعب بهم الموج شهراً في البحر، ثم أرفؤوا إلى جزيرة في البحر حتى مغرب الشمس، فجلسوا في أَقْرُبِ السفينة، فدخلوا الجزيرة، فلقيتهم دابة أهلب كثير الشعر، لا يدرون ما قبله من دبره من كثرة الشعر. فقالوا: ويلك، ما أنت؟ فقالت: أنا الجساسة، قالوا: وما الجساسة. قالت: أيها القوم، انظروا إلى هذا الرجل في الدير، فإنه إلى خبركم بالأشواق، قال: لما سمت لنا رجلاً فرقنا منها أن تكون شيطانة، قال: فانطلقنا سراعاً، حتى دخلنا الدير، فإذا فيه أعظم إنسان رأيناه قط خلقاً، وأشده وثاقاً، مجموعة يداه إلى عنقه، ما بين ركبتيه إلى كعبيه بالحديد، قلنا: ويلك ما أنت؟ قال: قد قدرتم على خبري، فأخبروني ما أنتم؟ قالوا: نحن أناس من العرب، ركبنا في سفينة بحرية، فصادفنا البحر حين اغتلم، فلعب بنا الموج شهراً، ثم أرفأنا إلى جزيرتك هذه، فجلسنا في أقربها، فدخلنا الجزيرة، فلقينا دابة أهلب كثير الشعر، لا يدرى ما قبله من دبره من كثرة الشعر. فقلنا: ويلك ما أنت؟ فقالت: أنا الجساسة، قلنا: وما الجساسة؟ قالت: اعمدوا إلى هذا الرجل في الدير، فإنه إلى خبركم بالأشواق، فأقبلنا إليك سراعاً، وفزعنا منها، ولم نأمن أن تكون شيطانة. قال: فأخبروني عن نخل بيسان، قلنا: عن أي شأنها تستخبر؟ قال: أسألكم عن نخلها، هل يثمر؟ قلنا: نعم. قال: إما إنه يوشك أن لا يثمر. قال: أخبروني عن بحيرة طبرية. قلنا: عن أي شأنها تستخبر؟ قال: هل فيها ماء؟ قالوا: هي كثيرة الماء. قال: أما إن ماءها يوشك أن يذهب. قال: أخبروني عن عين زغر. قالوا: عن أي شأنها تستخبر؟ قال: هل في العين ماء؟ وهل يزرع أهلها بماء العين؟ قلنا له: نعم، هي كثيرة الماء، وأهلها يزرعون من مائها. قال أخبروني عن نبي الأميين ما فعل؟ قالوا: قد خرج من مكة ونزل يثرب. قال: أقاتله العرب؟ قلنا: نعم، قال: كيف صنع بهم؟ فأخبرناه أنه قد ظهر على من يليه من العرب وأطاعوه، قال لهم: قد كان ذلك؟ قلنا: نعم. قال: أما إن ذلك خير لهم أن يطيعوه، وإني مخبركم عني. إني أنا المسيح، وإني أوشك أن يؤذن لي في الخروج، فأخرج فأسير في الأرض، فلا أدع قرية إلا هبطتها في أربعين ليلة، إلا مكة وطيبة، فهما محرمتان عليَّ كلتاهما، كلما أردت أن أدخل واحدة أو واحداً منهما، استقبلني ملك بيده السيف صلتا، يصدني عنها، وإن على كل نقب منها ملائكة يحرسونها».
قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، وطعن بمخصرته في المنبر: «هذه طيبة، هذه طيبة، هذه طيبة» يعني المدينة، «ألا هل كنت حدثتكم ذلك؟» فقال الناس: نعم، قال: «فإنه أعجبني حديث تميم أنه وافق الذي كنت حدثتكم عنه وعن المدينة ومكة، ألا إنه في بحر الشام أو بحر اليمن، لا بل من قبل المشرق، ما هو من قبل المشرق، ما هو من قبل المشرق ما هو»، وأومأ بيده إلى المشرق، فقالت: فحفظت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وهذا الحديث يدل دلالة واضحة على أن ابن صياد لم يكن الدجال الأكبر، وأن الدجال الأكبر محبوس في بعض جزائر البحور، ولعله -كما يقول بعض أهل العلم- شيطان من الشياطين الذين حبسهم نبي الله سليمان، إذ يبعد وجود بشر على قيد الحياة هذه الفترة الطويلة، والله أعلم بالصواب.
(من كتاب: القيامة الصغرى)