(18) فِسْقُ الحاكم بشَهواتِه وشُبهاتِه

أبو فهر المسلم

إذا قام الإمامُ بما ذكرناه من حقوق الأمة، فقد أدَّى حقَّ الله تعالى فيما لهم وعليهم، ووجب له عليهم حقَّان: الطاعة، والنُّصرة، ما لم يتغيَّر حالُه! والذي يتغيَّر به حالُه فيخرج به عن الإمامة شيئان: أحدهما: جَرْحٌ في عدالته. والثاني: نقصٌ في بدنه..

  • التصنيفات: السياسة الشرعية -

قال الإمام الماوردي رحمه الله: "وإذا قام الإمامُ بما ذكرناه من حقوق الأمة، فقد أدَّى حقَّ الله تعالى فيما لهم وعليهم، ووجب له عليهم حقَّان: الطاعة، والنُّصرة، ما لم يتغيَّر حالُه! والذي يتغيَّر به حالُه فيخرج به عن الإمامة شيئان: أحدهما: جَرْحٌ في عدالته. والثاني: نقصٌ في بدنه..

فأما الجرح في عدالته وهو الفسق فهو على ضَربين: أحدهما: ما تابع فيه الشَّهوة. والثاني: ما تعلق فيه بشُبهة.
فأما الأول منهما: فمتعلق بأفعال الجوارح، وهو ارتكابه للمحظورات، وإقدامه على المُنكرات، تحكيمًا للشهوة، وانقيادًا للهوى، فهذا فسقٌ يمنع من انعقاد الإمامة، ومِن استدامتها، فإذا طرأ على مَن انعقدتْ إمامتُه؛ خرج منها، فلو عاد إلى العدالة لم يَعد إلى الإمامة إلا بعقدٍ جديد..

وأما الثاني منهما: فمتعلقٌ بالاعتقاد المتأوَّل بشُبهة تعترض، فيتأوَّل لها خلاف الحق، فقد اختلف العلماء فيها: فذهب فريقٌ منهم، إلى أنها تمنع من انعقاد الإمامة، ومن استدامتها، ويخرج بحدوثِه منها؛ لأنه لما استوى حكمُ الكفر بتأويلٍ، وغير تأويل؛ وجب أن يستوي حالُ الفسق بتأويلٍ وغير تأويل"  (الماوردي رحمه الله، في الأحكام السلطانية).

قلتُ: وهذا في حقِّ الحاكم الشرعيّ، المُولَّى ولايةً صحيحة، وله بها سمْعٌ وطاعة، فمتَى انتقدَتْ عدالتُه؛ سقطَتْ ولايتُه! فكيف بالمتسلطِّين؟! وكيف بالذين لم تَنعقِد لهم ولايةٌ ابتداءً، بل هي ولايةُ غصبٍ واستيلاء، فلا هُم مُتحقِّقون بالعدالة ابتداءً، ولا هُم يُقيمون دينًا للناس ولا دُنيا. 

المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام