(22) من خرج على الحاكم الجائر المُضيِّع للحدود والحقوق
أبو فهر المسلم
مشروعية الخروج على الحاكم الجائر المُضيِّع للحدود والحقوق، وكون مَن خرجوا ليسوا بُغاةً ولاخوارج، بل هم أهل حقّ!
- التصنيفات: السياسة الشرعية -
مشروعية الخروج على الحاكم الجائر المُضيِّع للحدود والحقوق، وكون مَن خرجوا ليسوا بُغاةً ولاخوارج، بل هم أهل حقّ!
"وجوَّز ابنُ عقيل، وابنُ الجوزي؛ الخروجَ على إمامٍ غير عادل، وذكرا خروجَ الحسين على يزيد؛ لإقامة الحقّ، وهو ظاهرُ كلام ابن رزين؛ على ما تقدَّم" (المرداوي رحمه الله في الإنصاف).
ذهب الحنفيةُ والمالكيةُ والظاهريةُ: "إلى اشتراط عدالة الإمام، فإن كان ظالمًا ظلمًا لا شُبهة فيه فلا يُطلقون على الخارجين ضدَّه لفظَ البغي، لأن خروجَهم يُعد مشروعًا" (حاشية على الرَّوض المربع لمجموعة من العلماء).
"وقسمٌ خرجوا غضبًا للدين، من أجل جَور الولاة وتَرْك عملِهم بالسُّنة النبوية؛ فهؤلاء أهلُ حقٍّ، ومنهم: الحسن بن علي، وأهل المدينة في الحرَّة، والقرَّاء الذين خرجوا على الحجَّاج (ابن حجر، عن الغزالي رحمهما الله).
وكذلك: "لو تركَ الإمام إقامةَ قاعدةٍ من قواعد الدين؛ كإقام الصلاة، وصوم رمضان، وإقامة الحدود، ومَنَع من ذلك، وكذلك: لو أباحَ شُربَ الخمر والزنا، ولم يمنع منهما، لا يُختلف في وجوب خَلْعِهِ، فأمَّا لو ابتدعَ بدعةً، ودعا النَّاسَ إليها، فالجمهور: على أنه يُخْلَع" (القرطبي رحمه الله في المُفهِم -وليس هو صاحب التفسير- فتنبَّه!).
وأما مَن خرج عن طاعة إمامٍ جائر أراد الغلبةَ على ماله أو نفسه، أو أهله فهو معذور، ولا يحل قتاله، وله أن يدفع عن نفسه وماله وأهله بقدر طاقته، وقد أخرج الطبري بسندٍ صحيح عن عليٍّ وذكَر الخوارج فقال: "إن خالفوا إمامًا عدلًا فقاتلوهم، وإن خالفوا إمامًا جائرًا فلا تقاتلوهم؛ فإن لهم مقالًا".
قلتُ: "وعلى ذلك يُحمل ما وقع للحسين بن علي، ثم لأهل المدينة في الحرَّة، ثم لعبد الله بن الزبير، ثم للقرَّاء الذين خرجوا على الحجَّاج في قصة عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث، والله أعلم" (ابن حجر رحمه الله في الفتح).
"فإذا عرفت هذا تبيَّن لك أنهم لا يَعيبون على مَن خرج على الظلمة، لأن جوازه منصوصٌ عليه في كتب فقههم، ولو كان ذلك محرَّمًا عندهم قطعًا؛ لم يختلفوا فيه" (الإمام ابن الوزير رحمه الله في العواصم والقواصم).
"ولكنه لا ينبغي لمسلمٍ أن يَحُطَّ على مَن خَرج من السلف الصالح، وغيرهم على أئمة الجور، فإنهم فعلوا ذلك باجتهادٍ منهم، وهم أتقى لله، وأطوع لسُنة رسول الله من جماعةٍ ممَّن جاء بعدَهم من أهل العلم" (الشوكاني رحمه الله في نيل الأوطار).