(21) مَن هو الحاكم الجائر؟
أبو فهر المسلم
عن عليّ رضي الله عنه أنه قال: "لا بدَّ للناس مِن إمارة بَرةً كانت أو فاجرة، قيل له: هذه البرَّة قد عرفناها، فما بالُ الفاجرة ؟ قال: يُؤمَّن بها السبيل، ويُقام به الحدود، ويُجاهد به العدو، ويُقسم بها الفَيء".
- التصنيفات: السياسة الشرعية -
مَن هو الحاكم الجائر، الذي عناهُ بعضُ السَّلف بالصبر وعدم الخروج عليه؟!
عن عليّ رضي الله عنه أنه قال: "لا بدَّ للناس مِن إمارة بَرةً كانت أو فاجرة، قيل له: هذه البرَّة قد عرفناها، فما بالُ الفاجرة ؟ قال: يُؤمَّن بها السبيل، ويُقام به الحدود، ويُجاهد به العدو، ويُقسم بها الفَيء" (ابن أبي شيبة رحمه الله، في مُصنَّفه).
وقال أهلُ الفقه: "إنما يكون الاختيارُ في بدء الأمر، ولكن الجائرَ من الأئمة إذا أقام الجهاد، والجُمُعة والأعياد سكنَت له الدَّهماء، وأنصفَ بعضَها من بعضٍ في تظالمها، لم تجِب منازعتُه، ولا الخروجُ عليه" (الإمام ابن الوزير رحمه الله، في العواصم والقواصم).
وقوله عليه السلام فى هذا الحديث: "« » (صحيح مسلم:1298): يلزم منه طاعةُ الأئمة، إذا كانوا متمسكين بالإسلام، والدعوة لكتاب الله، كيفما كانوا هم في أنفسهم وأنسابهم وأخلاقهم، والإشارة أيضاً بقوله: « »: أي بالإسلام، وحكم كتاب الله وإن جار" (القاضي عياض رحمه الله، في إكمال المُعلِم).
قال المُهلَّب: قوله: "« » (صحيح مسلم:696)، يريد في المعروف لا في المعاصي، فتَسمع له وتُطيع في الحق، وتعفو عما يَرتكب في نفسه من المعاصي، ما لم يأمر بنقضِ شريعة، ولا بهَتْك حُرمةٍ لله تعالى" (ابن بطال رحمه الله، في شرحه على صحيح البخاري).
قلتُ: فليتأمَّل كلُّ مُنصِفٍ وعاقل؛ هذه النصوص وأضعافها ليَرى بوضُوحٍ لا شكَّ فيه، ولا امتراء يَعتريه؛ ما هية الحاكم الجائر الذي عناه العلماء، بالصبر على جوره وظلمه، وكيف أنه مقيمٌ للشرع والجهاد والحدود وحماية الثغور، وليس مجرد مُتحكم في دنيا الناس وبلادهم، وهذا ماحدى بهم إلى القول بالصبر عليه! لتحقق كثيرٍ من مصالح الدين والبلاد والعباد، مقارنةً بظلمِه القليل..
فأيُّ جريمةٍ نكراء تيك التي ارتكبها لاعقو أحذية طواغيت اليوم من المداخلة المُفسدين، والجامية المُضلين، والمتعالمين الخانعين، الذين لبَّسوا على الناس أمرَ دينهم، وأنزلوا نصوص الوحيين، وكلام المتقدمين على مُجرمين غاصبين، خائنين مُستأجَرين، لم يَحفظوا على الناس دُنيا ولا دين، فضلًا عن مُوالاة المنافقين والكافرين! فشتَّان شتَّان بين الجائر على لسان السلف، ومُجرمي اليوم على لسان الخلَف.