اللفتة الثالثة: في حسن القصد
أبو محمد بن عبد الله
يحاول الشركاء أن يهدوا {إلى الحق}، أو يزعمون ذلك، أو يدَّعونَهُ، ومع ذلك يَظَلُّون في حدود {إلـــى}، أما الله سبحانه فهو {يهدي للحق} .ثم إنه يهدي للحق قصدًا، أمّا الشركاء فيحاولن أن يهدوا، ولكن غلى نفوسهم ومصالحهم، ويُلبسونها لباس الحق على سَنن فرعون حين قال كما جاء في القرآن: {وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ} [غافر:29]، وهل كان فرعون حسن القصد في هداية الناس؟!
- التصنيفات: القرآن وعلومه - الطريق إلى الله -
وأخرى ثالثة: في حسن القصد
يحاول الشركاء أن يهدوا {إلى الحق}، أو يزعمون ذلك، أو يدَّعونَهُ، ومع ذلك يَظَلُّون في حدود {إلـــى}، أما الله سبحانه فهو {يهدي للحق} .ثم إنه يهدي للحق قصدًا، أمّا الشركاء فيحاولن أن يهدوا، ولكن غلى نفوسهم ومصالحهم، ويُلبسونها لباس الحق على سَنن فرعون حين قال كما جاء في القرآن: {وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ} [غافر:29]، وهل كان فرعون حسن القصد في هداية الناس؟!
فالله هو الحق، ويهدي للحق ومن أجل الحق، لا مصلحة له فيه ولا منفعة يرجوها، ولا مضرة يحاذرها، فهو سبحانه الغني عن العالمين، لا تنفعه طاعة الطائعين، ولا تضره معصية العاصين، وما أودع في كونه ولا في شريعته إلا الحق، وما أرسل رسوله إلا بالهدى ودين الحق وللحق، كما مرَّ معنى في معنى اللام في قوله تعالى: {وأقيموا الشهادة لله}، وقوله: {شهداء لله} .
أما الشركاء فمع كل ما يَعْتَوِرُ حقَّهم المزعوم من باطل أو تقصير أو قصور، فإنه أيضًا ليس من أجل الحق ولا إخلاصًا له، ولا تسليمًا به، وإنما من أجل أهوائهم ومصالحهم، وتلبية لرغباتهم، وحتى ما وافقوا فيه أمرَ الحق فليس لإيمانهم وتسليمهم وإخلاصهم، وإنما من باب: {وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ، وَإِنْ يَكُنْ لَهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ}[النور:48-49].
يقول القشيريفي تفسيره: "الحقّ اسم من أسمائه سبحانه، ومعناه أنه موجود، وأنه ذو الحق، وأنه محق الحقّ. والحقّ من أوصاف الخلق ما حَسُن فعله وصحّ اعتقاده وجاز النطق به. {والله يهدى للحق } أي: إلى الحق هدايته. وهداه له وهداه إليه بمعنىً؛ فمن هداه الحقّ للحقّ وقفه على الحقّ، وعزيز من هداه الحقّ إلى الحقّ للحقّ، فماله نصيب وما له حظ"( انظر: عبد الكريم بن هوازن بن عبد الملك القشيري (المتوفى: 465هـ)، لطائف الإشارات، 2/ 95).
الله {يهدي لـلحق} أي يهدي للحق ومن أجل الحق، ولأجل أنه الحق...
أما الشركاء فيضربون قِداحًا، ويفرضون طقوسًا، ويخترعون ناموسًا، ويشرعون دينًا... لا قصدًا للحق!، ولا خدمة للحق، ولكن استخدامًا للحق، وخدمة لأنفسهم باستخدام الحق، وليس خدمة للناس بالحق أو لوجه الحق، وإنما استخدام للناس باسم الحق!
وينسحب هذا على دعوة الدعاة الربانيين، فإنهم يدعون إلى الحق للحق، لا لأنفسهم أو مذاهبهم أو جماعاتهم، وإنما وصفهم كما قال تعالى: {وَمِمَّنْ خَلَقْنَا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ} [الأعراف:181]، وقوله تعالى: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [يوسف:108].
ويتبع إن شاء الله بلفتة رابعة وأخيرة.
في الأصل هذا المقال يتبع للتشديدة:
وقد سبقه من اللفتات:
اللفتة الأولى: في اليسر والتحقق أو المشقة والمخاطرة