الرَّد على شُبهة تسوية النصارى بالمسلمين، في الإيمان والدِّين!

أبو فهر المسلم

هذه الشُّبهة؛ من أهمِّ شُبَه هؤلاء المُلبِّسين والمُشكِّكين، وعُمدتُهم في ذلك.. الاستدلالُ بقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْم الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ}.

  • التصنيفات: اليهودية والنصرانية - أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة - الردود والتعقيبات -

وهذه الشُّبهة؛ من أهمِّ شُبَه هؤلاء المُلبِّسين والمُشكِّكين، وعُمدتُهم في ذلك.. الاستدلالُ بقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْم الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} [النساء:69].

والجوابُ عن هذه الشُّبهة؛ قد ذكره شيخُ الإسلام رحمه الله، مُفصَّلًا.. حيثُ قال رحمه الله: "والجواب أن يقال: أولًا: لا حُجة لكم في هذه الآية على مَطلوبكم، فإنه يُسوِّي بينكم، وبين اليهود والصابئين، وأنتم مع المسلمين مُتفقون على أن اليهود كفارٌ، من حين بُعث المسيحُ إليهم، فكذَّبوه! وكذلك الصابئون من حين بُعث إليهم رسولٌ فكذبوه؛ فهم كفار!

فإن كان في الآية مدحٌ لدينكم، الذي أنتم عليه بعد مَبعث مُحمد صلى الله عليه وسلم؛ ففيها مدحُ دين اليهود أيضًا! وهذا باطلٌ عندكم وعند المسلمين. وإن لم يكن فيها مدحٌ اليهود بعد النسخ والتبديل؛ فليس فيها مدحٌ لدينِ النصارى بعد النسخ والتبديل! وكذلك يُقال لليهودي، إن احتجَّ بها على صحة دينه.

وأيضًا فإن النصارى يُكفِّرون اليهود، فإن كان دينُهم حقًّا؛ لزِم كُفر اليهود، وإن كان باطلاً؛ لزِم بُطلان دينِهم، فلا بدَّ من بُطلان أحد الدِّينين، فيمتنع أن تكون الآيةُ مَدحتهما، وقد سوَّت بينهما!

فعُلِم أنها لم تَمدح واحدًا منهما، بعد النسخ والتبديل، وإنما معنى الآية: "أن المؤمنين بمُحمدٍ، والذين هادُوا -الذين اتبعُوا موسى عليه السلام- وهم الذين كانوا على شَرعِه قبل النسخ والتبديل، والنصارى الذين اتبَعوا المسيحَ عليه السلام، وهم الذين كانوا على شريعته قبل النسخ والتبديل، والصابئين وهم الصابئون الحنفاء، كالذين كانوا من العَرب وغيرهم، على دين إبراهيم وإسماعيل وإسحاق قبل التبديل والنسخ...

فهؤلاء... هم الذين مدَحهُم الله تعالى، فأهلُ الكتاب بعد النسخ والتبديل؛ ليسوا ممن آمن بالله، ولا باليوم الآخر وعمل صالِحًا، كما قال تعالى: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} [التوبة:29].

وقد تقدَّم أنه كفَّر أهلَ الكتاب، الذين بدَّلوا دينَ موسى والمسيح، وكذَّبوا بالمسيح، أو بمحمد، في غير موضع، وتلك آياتٌ صريحةٌ، ونصوصٌ كثيرةٌ وهذا مُتواترٌ معلومٌ بالاضطرار من دين مُحمَّد" (الجواب الصحيح لمن بدَّل دين المسيح؛ لابن تيمية رحمه الله).

قلتُ: فهَل بعد هذا البيانِ؛ بيان؟! وهل بقِيَ وراءَه حُجَّةٌ أو بُرهان؟!

فلِلَّه الأمرُ مِن قبلُ ومن بعدُ، وربُّنا الرَّحمنُ المُستعان!

 

المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام