{إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ}
أبو الهيثم محمد درويش
الفهم الخاطيء لهذه الآية قد يتسبّب في تصدُّع البيوت وعلاقات مُشوّهة بين الزوج ووزوجه أو بينه وبين أبناءه، أو بين الزوج وجميع أسرته سواءً الزوجة والأبناء. وحقيقة العمل المراد من الزوج إزاء التحذير من فتنة الزوجة وفتنة الأولاد هو العمل على محورين لا ثالث لهما..
- التصنيفات: التفسير - قضايا الزواج والعلاقات الأسرية -
الفهم الخاطيء لهذه الآية قد يتسبّب في تصدُّع البيوت وعلاقات مُشوّهة بين الزوج ووزوجه أو بينه وبين أبناءه، أو بين الزوج وجميع أسرته سواءً الزوجة والأبناء.
وحقيقة العمل المراد من الزوج إزاء التحذير من فتنة الزوجة وفتنة الأولاد هو العمل على محورين لا ثالث لهما.
أما الأول: فهو الحذر من غلبة العاطفة والحب الجبلي أن يتسبّب في مطاوعتهم أو مساعدتهم على معصية الله أو الوقوع في معصية من أجلهم.
وأما الثاني: فهو التعامل معهم بالرحمة والصفح رغم التحذير من فتنتهم فالتحذير غايته التنبيه لعدم اقتراف المعاصي بسبب هذه المحبة وليس تحذيرًا جالبًا لكرههم ومعاداتهم فالصفح عنهم والعفو، فيه من المصالح ما لا يمكن حصره.
قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [التغابن:14].
"هذا تحذير من الله للمؤمنين، من الاغترار بالأزواج والأولاد، فإنَّ بعضهم عدوٌ لكم، والعدو هو الذي يريد لك الشر، ووظيفتك الحذر ممن هذا وصفه والنفس مجبولة على محبة الأزواج والأولاد، فنصح تعالى عباده أن توجب لهم هذه المحبة الانقياد لمطالب الأزواج والأولاد، ولو كان فيها ما فيها من المحذور الشرعي ورغبهم في امتثال أوامره، وتقديم مرضاته بما عنده من الأجر العظيم المشتمل على المطالب العالية والمحاب الغالية، وأن يؤثروا الآخرة على الدنيا الفانية المنقضية..
ولما كان النهي عن طاعة الأزواج والأولاد، فيما هو ضررٌ على العبد، والتحذير من ذلك، قد يوهم الغِلظة عليهم وعقابهم، أمر تعالى بالحذر منهم، والصفح عنهم والعفو، فإنَّ في ذلك من المصالح ما لا يمكن حصره، فقال: {وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} لأنَّ الجزاء من جنس العمل. فمن عفا عفا الله عنه، ومن صفح صفح الله عنه، ومن غفر غفر الله له، ومن عامل الله فيما يحب، وعامل عباده كما يحبون وينفعهم، نال محبة الله ومحبة عباده، واستوثق له أمره" (تيسير الكريم الرحمن؛ للسعدي).