الخونة والقتل بالوكالة في غزة
ممدوح إسماعيل
وتمتد سلسلة قذرة من الخيانة القذرة تستهدف أرواح ودماء المجاهدين على
أرض فلسطين حتى تصل إلى الشيخ الجليل والقائد العظيم (نحسبه عند الله
شهيداً ولا نزكي على الله أحد) أحمد ياسين ثم البطل القائد عبدالعزيز
الرنتيسي....
- التصنيفات: قضايا إسلامية معاصرة -
بينما مجموعة من الفلسطينين يتنزهون على شاطىء غزة في مساء الجمعة 25يوليو 2008مغتنمين فرصة ما أطلق عليه التهدئة بين العدو الصهيوني وحماس إذا بإنفجار رهيب يحول المكان الهادىء إلى دمار وأشلاء وجثث ويصل عدد القتلى إلى ستة من بينهم طفلة وأربعة من مجاهدي القسام أذاقوا العدو الويل وعشرون جريح تتفاوت إصابتهم، ثم سمع صوت إنفجارين آخرين في غزة أحدهما استهدف مطعم توفى من أثره فلسطيني، والآخر استهدف مروان أبو راس الذي تعتبره فتح مفتي حماس ولكنه لم يصب بأذى وبينما يبحث الجميع عن المتهم تنطلق قناة فلسطين التي يملكها تنظيم فتح صباح يوم السبت 26 يوليو في إذاعة أغنية بعنوان "ثوار فتح" وفي الخلفية مشهد للحدث (إنفجار شاطى ء غزة والجثث والإنفجار).
لذلك كان طبيعياً أن تنطلق أصابع الاتهام من قيادات حماس وغيرهم إلى ما أطلق عليه تيار الانقلاب في فتح في إشارة إلى دحلان وأتباعه أنهم وراء تدبير تلك المجزرة الآثمة المحزنة، خاصة أن صباح السبت 26 يوليو قد حمل بيان أرسل إلى المركز الفلسطيني للإعلام ممن أطلقوا على أنفسهم "حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح - كتائب العودة".
وقد جاء في البيان المذكور كلمات واضحة في تبني عملية الغدر على شاطىء غزة منها على سبيل المثال: "مسلسل الانتقام مستمر وسنعود إلى غزة عاجلاً أم آجلاً" بأن الدور "سيأتي على الجميع وعلى كل من شارك ولو بالكلمة" ضد حركة "فتح".
وتابعت: "ونؤكد أن هذا الانتقام لن يكون بعيداً وأن انتقامنا سيطال كل المنتسبين إلى المليشيات السوداء المسماة بالقوة التنفيذية وكل عناصر وقيادات كتائب القسام.
وقد سبق أن أعلنت وزارة الداخلية في غزة عن ضبط مجموعات تنتمي إلى مجموعة في فتح كانت تنوي القيام بعمليات تفجير واغتيالات في غزة وكان على رأس المستهدفين إسماعيل هنية وقد أذيعت اعترافات هذه المجموعة على التلفزيون على الهواء مباشرة، لذلك كان الرد قوياً من حماس فقد انطلقت أقوى التصريحات من الزهار القائد الحمساوي الكبير حيث علق على ما حدث قائلا : "تحت أيدينا معلومات ومعطيات سنوظفها في الكشف عن الخلية وملاحقتها ولن تأخذنا بهم رحمة". وبكل قوة أعلن الزهار أن هذه لحظة فارقة على الجميع أن يحدد فيها موقفه من هؤلاء القتلة مؤكداً أن آليات التعامل مع هؤلاء ستختلف.
وأشار إلى أن هؤلاء المجرمين "ينفذون سياسة الاحتلال في اغتيال المجاهدين والمقاومين فمن يعجز الاحتلال عن النيل منه يتم تكليف هذه الفئات المارقة بالقيام بهذه المهمة القذرة".
ومن جانبها نفت فتح رسميا مسؤليتها عن الحادث وألقت باللوم على ما ادعت أنها خلافات داخلية في حركة حماس وهو نفي شكلي ونوع من الخبث الإعلامي فقط، حيث أن الحقيقة واضحة لكل ذي عينين فالتهدئة المعلن عنها بين حماس والعدو الصهيوني قد أقلقت بشدة تيار الخونة في فتح لوصول حماس إلى درجة من الإستقرار والتمكن عالية رغم الحصار والقتل والتدمير وهذا التيار كان دائما وراء إفشال أي محاولات للوحدة والتقارب بين حماس وفتح لأنه مستفيد من الخلاف وهو يراهن على بقائه بفناء حماس.
لكن من الملفت أنه فى الوقت الذي تهدأ فيه الآلة الدموية الصهيونية نسبياً عن القتل في الفلسطنيين يقوم الخونة من الفلسطنيين بالقتل بالوكالة عن اليهود وكأنهم لا يرضون لدماء الفلسطنيين أن تجف ابداً.
والخيانة فى فلسطين جذورها للأسف قوية فمنذ وعد بلفور المشؤم والخونة يتراقصون على جثث الفلسطنيين وطابور الخونة منذ تسعين عاماً لايتوقف حتى الآن وتأثير الخيانة يأتي من أنها تأتي من حيث لا يحتسب الشرفاء المؤمنون بدينهم و المدافعين عن أوطانهم ومجتمعاتهم.
وقديماً كان الخونة يختفون بمجرد اكتشاف أمرهم ويهربون بحثاً عن ملجأ أما الآن فهم يتبجحون بل ويناظرون ويواجهون كل من فضحهم وصدق المعصوم صلى الله عليه وسلم: «إذا لم تستح فاصنع ما شئت» [رواه البخاري].
ومن خان فلسطين ليس يهودياً إنما هو عربياً باع الحق والمقدسات والأرض والدماء والأعراض من أجل كرسي ومنصب زائل لا محالة.
فعندما نقلب صفحات التاريخ نجد صفحات سوداء لخيانة فلسطين، على سبيل المثال فقد نشرت (جريدة أخبار اليوم المصرية بالعدد 280 الصادر بتاريخ 18/3/1950) خمس وثائق خطيرة بخط ملك عربي وبخط كبار رجال حكومة الاحتلال الإسرائيلية تثبت أن الملك كان على اتصال باليهود طيلة مدة حرب فلسطين وبعدها، وقد نشرت المطبعة السلفية بالقاهرة مجموع تلك الوثائق تحت عنوان (وثائق خطيرة عن اتصال حاكم عربي باليهود قبل حرب فلسطين عام 1948)، ودلت تلك الوثائق على اتصال الملك الذي كان قائداً أعلى للجيوش العربية؟!، وإعترافه باسرائيل في الوقت الذي كان يقتل فيه الآلاف من أبناء العرب المسلمين برصاص اليهود.
وتضمنت مفاوضاته تسليم مناطق كثيرة في فلسطين لليهود والتعهد بوقف الحرب ومنع الجهات الأخرى من القتال كالجبهة العراقية وتعهد لليهود بتقسيم فلسطين بين اليهود والعرب وقد اندلعت وقتها أصوات عالية وصرخات تطالب بفصل شرق الأردن من الجامعة العربية ولكن للعجب أن حكومة لندن أصدرت الأوامر (للجامعة العربية) بمنع صدور هذا القرار.
وليس عجيباً أو غريباً أن تمضي السنوات وتذيع إحدى القنوات الفضائية مشاهد لحاكم عربي وهو يهبط مطار بن جوردن قبل حرب 1973 بساعات ليبلغ جولدا مائير بقرار الحرب ضد اسرائيل.
وتمضي قضية فلسطين بأحداث وأشكال مختلفة للخونة في لبنان وسوريا والأردن حيث قاموا بتصفية الفلسطينيين في صبرا وشاتيلا وأيلول الأسود وتل الزعتر وبين اتهامات للفلسطينيين أنفسهم وكانت علاقة تونس والمغرب بدولة الاحتلال سراً حتى جاء السادات وأزال جدار التعمية بزيارته الصدمة للقدس وخيانته للأمة ومقدساتها في كامب ديفيد!.
ولكن لم يقف الأمر عند هذا الحد تفريط في الأرض والمقدسات والحقوق ولكن تمادى الخونة في حرب وقتل بالوكالة، فقد كان قتل المجاهدين الثابتين على مبادئهم وقواعدهم هدفاً من أهداف الخونة دائماً في فلسطين، ففي مالطه اغتيل فتحي الشقاقي قائد الجهاد الاسلامى الذي خرج من مؤتمر في ليبيا إلى مالطه ولم يعرف أحد بوجهته، فمن كشف عن وجهته ليغتال في مالطه ومن ساهم في اغتيال يحيى عياشي القائد العسكري لحماس؟! أليس الخونة!!
وتمتد سلسلة قذرة من الخيانة القذرة تستهدف أرواح ودماء المجاهدين على أرض فلسطين حتى تصل إلى الشيخ الجليل والقائد العظيم (نحسبه عند الله شهيداً ولا نزكي على الله أحد) أحمد ياسين ثم البطل القائد عبدالعزيز الرنتيسي.
ومؤخراً بثت وكالة فرانس برس خبراً على لسان إسماعيل هنية (رئيس وزراء جمهورية حماس في غزة) الذي أعلن في يوم 10يونية 2008 عن ضبط شبكة من العملاء الخونة عددهم 75 يعملون لحساب العدو الصهيوني!!
العدد كبير لكنه يدل على عمق مصيبة الواقع الفلسطيني الذي يعيش بين مقاومين مجاهدين وخونة من بني جلدتهم وعدو ومغتصب قاتل لايرحم ولايعرف عهداً ولا وعدًا.
ويتضح من هذه المجزرة الأخيرة فى غزة أنه مازال البعض في حركة فتح لم يتعظ بما حدث في 14 يونيو 2007 وسقوط دولة فتح الفاسدة التي فضحت خيانتهم (مجلة فانتي فير الأمريكية) عندما كشفت تفاصيل مخطط الخيانة والإتفاق بين دحلان والأمريكان على الانقلاب على حماس في غزة ولكن حماس بفضل الله أحبطت انقلابهم ومخططهم الآثم، ويبدو أن الحرب بالوكالة هى التكتيك الجديد في غزة الذي انتهجه العدو الصهيوني لضرب حماس، وهو تكتيك خبيث ولكن مشكلته أن كل فلسطيني شريف يحتفظ بأرشيف قوي في الذاكرة لكل الخونة بالصوت والصورة وأيضا يعرف كل فلسطيني شريف قدر كل الأبطال المخلصين المجاهدين من أجل فلسطين والأقصى والقدس.
ويبقى أن العدو الصهيوني يستغل ما أطلق عليه التهدئة كي يتفرج ويشاهد قتل الفلسطنيين بعضهم البعض مستخدما تكتيك حرب العملاء والخونة بالوكالة ولكنه تكتيك بإذن الله محكوم عليه بالفشل مقدماً ًحتى وإن أحدث خسائر.
وأخيراً حماس محاصرة في غزة من خونة في الداخل، وعدو وخونة يحيطون بها من الخارج.
وليس أمامها إلا الله فعليها دائما أن تعلم يقيناً وتتذكر دائما ً قول الحق تبارك وتعالى: {إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ} [سورة محمد: 7]، فانصري دين الله ياحماس في غزة وتخلصي من كل خيوط البراجماتية السياسية الواهنة فهي تضر ولاتنفع، والله ناصرك ومُعينك ثبتكم الله ونصركم على كل الأعداء.
والخونة في كل مكان وكل بلد وكل جماعة يفضحهم الله ويخذلهم الله.
ممدوح اسماعيل محام وكاتب [email protected]
المصدر: طريق الإسلام