كيف نحل مشاكلنا على طريقة أم المؤمنين عائشة ؟
عزيز محمد أبو خلف
نشأت أم المؤمنين عائشة رضى الله عنها في بيت النبوة الطاهر ، وأنْعِم
بها من نَشْأة ، لأن من يتربى على يدي الرسول صلى الله عليه وسلم
فسيكون مدرسة بحد ذاته.
- التصنيفات: مذاهب فكرية معاصرة -
نشأت أم المؤمنين عائشة رضى الله عنها في بيت النبوة الطاهر ، وأنْعِم
بها من نَشْأة ، لأن من يتربى على يدي الرسول صلى الله عليه وسلم
فسيكون مدرسة بحد ذاته .
وهذا ما كان بالفعل في حالة أمنا عائشة ، فقد تشبَّعت عقليتها بمفاهيم الإسلام وأفكاره ، وأضحى سلوكها تطبيقا عملياً حياً وتجسيداً لهذه الأفكار .
ومن كان هذا حاله فهل يُعقل أن يأتي بما يناقض ما تَجسَّد في عقله ونفسه من أفكار ومفاهيم وسلوك؟
ولم يكن هذا حال أمنا عائشة فقط ، بل هو نمط متقدم جدا من أنماط السلوك الإسلامي الراقي عند الصحابة إجمالا ، والذي تجد فيه الانسجام الفائق ما بين الأفكار والسلوك ، وقَلَّما ينفصل أحدهما عن الآخر .
تعرضت أمنا عائشة الطاهرة المطهرة الصادقة بنت الصديق إلى أعظم ما يمكن أن تُبتلى به امرأة عفيفة شريفة ، ألا وهو القذف بالزنا .
وما أقساها من تجربة ، وما أفظعها من تهمة .
فهي لم تكن محدودة ولا محصورة بين أشخاص أو بيت أو عائلة ، لقد انتشرت في المجتمع بأسره ، ورَوَّجت لها أبواق الدعاية والشر أيَّما ترويج .
إنها مشكلة كبيرة وابتلاء عظيم لا يتحمله إلا من كانت شخصيته في عظمتها بحيث تفوق هذه الصعوبة وتتغلب عليها .
فماذا فعلت أمنا عائشة تجاه هذه المشكلة العويصة ؟
وكيف جابهتها وتصدت لها وتغلبت عليها؟
وما هي الدروس والعبر التي ترتبت عليها ؟
ما هي المشكلة وكيف نواجهها ونتغلب عليها ؟
يمكن تعريف المشكلة بأنها الشعور أو الإحساس بوجود صعوبة لا بد من تخطيها ، أو عقبة لا بد من تجاوزها ، لتحقيق هدف .
أو يمكن القول إنها الاصطدام بواقع لا نريده ، فكأننا نريد شيئا ثم نجد خلافه . وهذا مبين بشيء من التفصيل في مقالنا : هل ترغب في تنمية قدرتك على حل المشاكل؟ .
وحتى نتمكن من مواجهة المشاكل والتغلب عليها لا بد من أن ننهج طريقة معينة نشعر فيها بوجود المشكلة ، ونتعرف عليها ونُحدد طبيعتها ، ثم نفكر في الحلول المتعددة ، ثم نطبق الحل الأمثل ، ونتأكد من ذلك ، ثم نتفكر فيما حصل . وهذا يتطلب بذل الجهد في التفكير في مراحل متعددة وفي مواضيع كثيرة , وقد تحصل أحيانا بسرعة فائقة وقد تستغرق وقتا .
لكن لا بد من التدرُّب والتمرُّس على ذلك واكتساب مهارات التفكير اللازمة لهذا الأمر . وهذا ما تجده مفصلا في مقالنا : التفكير ومهارات التفكير ، في هذا الموقع .
ما هي الطريقة التي اتبعتها أم المؤمنين في مواجهة هذه المشكلة؟
تُعرف المشكلة التي مرت بها أم المؤمنين عائشة رضى الله عنها بحادثة الإفك ، وتتلخص في ترويج شائعة من قبل المنافقين وبعض المؤمنين تتضمن اتهام أم المؤمنين عائشة رضى الله بالزنا ، وذلك عندما تَخلَّفت عن الجيش في إحدى الغزوات ، ثم أحضرها الصحابي صفوان بن المعطل السلمي رضي الله عنه على ظهر جمله ، وبعدها انطلقت الشائعات انطلاق النار في الهشيم .
وهي مشكلة ذات شقين : الأول عندما وجدت أم المؤمنين نفسها وحيدة وقد تركها الجيش ، والثاني عندما انتشرت الشائعة عنها وهي غافلة حتى عن مجرد التفكير في هذا الأمر . فماذا فعلت أم المؤمنين تجاه هذه المشكلة بشقيها؟
وهذا ما كان بالفعل في حالة أمنا عائشة ، فقد تشبَّعت عقليتها بمفاهيم الإسلام وأفكاره ، وأضحى سلوكها تطبيقا عملياً حياً وتجسيداً لهذه الأفكار .
ومن كان هذا حاله فهل يُعقل أن يأتي بما يناقض ما تَجسَّد في عقله ونفسه من أفكار ومفاهيم وسلوك؟
ولم يكن هذا حال أمنا عائشة فقط ، بل هو نمط متقدم جدا من أنماط السلوك الإسلامي الراقي عند الصحابة إجمالا ، والذي تجد فيه الانسجام الفائق ما بين الأفكار والسلوك ، وقَلَّما ينفصل أحدهما عن الآخر .
تعرضت أمنا عائشة الطاهرة المطهرة الصادقة بنت الصديق إلى أعظم ما يمكن أن تُبتلى به امرأة عفيفة شريفة ، ألا وهو القذف بالزنا .
وما أقساها من تجربة ، وما أفظعها من تهمة .
فهي لم تكن محدودة ولا محصورة بين أشخاص أو بيت أو عائلة ، لقد انتشرت في المجتمع بأسره ، ورَوَّجت لها أبواق الدعاية والشر أيَّما ترويج .
إنها مشكلة كبيرة وابتلاء عظيم لا يتحمله إلا من كانت شخصيته في عظمتها بحيث تفوق هذه الصعوبة وتتغلب عليها .
فماذا فعلت أمنا عائشة تجاه هذه المشكلة العويصة ؟
وكيف جابهتها وتصدت لها وتغلبت عليها؟
وما هي الدروس والعبر التي ترتبت عليها ؟
ما هي المشكلة وكيف نواجهها ونتغلب عليها ؟
يمكن تعريف المشكلة بأنها الشعور أو الإحساس بوجود صعوبة لا بد من تخطيها ، أو عقبة لا بد من تجاوزها ، لتحقيق هدف .
أو يمكن القول إنها الاصطدام بواقع لا نريده ، فكأننا نريد شيئا ثم نجد خلافه . وهذا مبين بشيء من التفصيل في مقالنا : هل ترغب في تنمية قدرتك على حل المشاكل؟ .
وحتى نتمكن من مواجهة المشاكل والتغلب عليها لا بد من أن ننهج طريقة معينة نشعر فيها بوجود المشكلة ، ونتعرف عليها ونُحدد طبيعتها ، ثم نفكر في الحلول المتعددة ، ثم نطبق الحل الأمثل ، ونتأكد من ذلك ، ثم نتفكر فيما حصل . وهذا يتطلب بذل الجهد في التفكير في مراحل متعددة وفي مواضيع كثيرة , وقد تحصل أحيانا بسرعة فائقة وقد تستغرق وقتا .
لكن لا بد من التدرُّب والتمرُّس على ذلك واكتساب مهارات التفكير اللازمة لهذا الأمر . وهذا ما تجده مفصلا في مقالنا : التفكير ومهارات التفكير ، في هذا الموقع .
ما هي الطريقة التي اتبعتها أم المؤمنين في مواجهة هذه المشكلة؟
تُعرف المشكلة التي مرت بها أم المؤمنين عائشة رضى الله عنها بحادثة الإفك ، وتتلخص في ترويج شائعة من قبل المنافقين وبعض المؤمنين تتضمن اتهام أم المؤمنين عائشة رضى الله بالزنا ، وذلك عندما تَخلَّفت عن الجيش في إحدى الغزوات ، ثم أحضرها الصحابي صفوان بن المعطل السلمي رضي الله عنه على ظهر جمله ، وبعدها انطلقت الشائعات انطلاق النار في الهشيم .
وهي مشكلة ذات شقين : الأول عندما وجدت أم المؤمنين نفسها وحيدة وقد تركها الجيش ، والثاني عندما انتشرت الشائعة عنها وهي غافلة حتى عن مجرد التفكير في هذا الأمر . فماذا فعلت أم المؤمنين تجاه هذه المشكلة بشقيها؟
- الشعور بوجود المشكلة والوقوع فيها .
من المهم معرفة انه لا معنى للمشكلة ما لم يَحُس بها الشخص أو من له علاقة بها .
فأُمُّنا عائشة أحسَّت أنها في مشكلة عندما عادت ولم تجد الجيش ، وهذا بالنسبة للشق الأول من المشكلة . أما من حيث الشق الثاني وهو اتهاما بالزنا ، فقد أحست بالمشكلة عندما أخبرتها أم مِسْطح بما يشيع عنها .
فلم تكن تحس بها من قبل ، لأنها تعجبت مما قيل مع أنها دافعت عن مسطح في بداية الأمر .
- الحفاظ على التماسك النفسي وعدم التضعضع والخوف .
فقد حافظت أُمُّنا على رباطة جأشها وتماسكت ، مع أن الموقف في غاية الشدة لأنها وحيدة وقد تركها الجيش ورحل . وأيضا حافظت على توازنها عندما سمعت بالإشاعة وامتصت الصدمة ، مع أنها تفاجأت وذُهلت لما قيل عنها ، وكانت تتمثل قوله تعالى : { فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون } .
ويتحقق التماسك النفسي بالاستعانة بالله تعالى بالدعاء والصلاة والذكر ، وإحسان الظن بالله وبالمسلمين ممن لهم علاقة بالموضوع ، والتفاؤل بالخير .
كما أن للجانب الإيماني العام تأثيره .
ولا بد من الحفاظ على ذلك في كل مراحل حل المشكلة . وهذا ما تمسكت به أمنا عائشة على الرغم من أنه قد رُوي عنها أنها تأثرت بالأمر ، لكن ليس إلى الحد الذي يُخرج الإنسان عن تماسكه .
- تحديد ماهية المشكلة ومعرفة أبعادها .
حددت أُمُّنا المشكلة في أن الجيش قد رحل وتركها فصارت وحيدة . وهذا يترتب عليه أن تخاف على نفسها من الموت أو الأسر أو الاعتداء . كما حدَّدت المشكلة في الشق الثاني وتعرفت عليها عندما علمت بالإشاعة ، وانهم قد رموها بالزنا . وأي تهمة هذه وماذا يمكن أن يترتب عليها ؟
- التفكير في حلول ممكنة للمشكلة . ماذا يمكن أن يكون جال بخاطر
أمنا :
. اللحاق بالجيش ، لكنها لم تجد الراحلة ، والظلام قد حل ، ولا يمكنها السير لوحدها .
. البقاء في نفس المكان مع الاختباء .
. الذهاب إلى مكان آخر .
. الانتظار في نفس المكان في حالة عودة الجيش أو نفر منهم ، لأنهم إذا فقدوها فلا بد أن يعودوا أدراجهم إلى المكان ليبحثوا عنها .
. البحث عن أحد قد تخلف مثلها من الجيش ، أو أحد يتعقب الجيش .
- أما من حيث الشق الثاني أي حالة الإشاعة فقد تكون أمنا فكرت
فيما يلي :
. الدفاع عن نفسها .
. ترك الأمر للرسول صلى الله عليه وسلم مع البقاء في بيتها . لكن ربما لاحظت تأثر الرسول بالموضوع ، وانه قد سرى وانتشر .
. اللحاق بأهلها ، والصبر والاحتساب لله تعالى .
- تطبيق الحل الملائم من بين الحلول والبدائل المتاحة
.
ارتأت أمنا البقاء في مكان الجيش لعلهم يرجعون أو نفر منهم . وفعلا حضر صفوان ، ويبدو أنها ظنت أنه مُرسَل من قِبَل الجيش فركبت الجمل دون حتى أن تناقشه في الموضوع . ولهذا لم يخطر ببالها أن يقال ما قد قيل عنها ، لان هذا قد أرسله الجيش ليأخذها .
أما في موضوع القذف فقد طلبت من الرسول أن يأذن لها باللحاق بأهلها . وحسناً فعلت ، لأن الموضوع كان يحتاج إلى أن يُبَتًّ فيه ، طالما أن الرسول لم ينطق بوحي فيه . كما أن مواضيع مثل هذه تحتاج إلى التراخي فيها حتى تَسْكن وتهدأ ، فكان اختيارها أن تذهب إلى بيت أهلها ينطوي على كثير من الحكمة والحنكة . ومما يؤيد ذلك موافقة الرسول صلى الله عليه وسلم بسرعة على طلبها .
- التفكر في المشكلة ونتائجها وأبعادها .
حيث تبين لأم المؤمنين أنها كانت على صواب فيما فكرت فيه واتخذته من قرارات . وخرجت من المشكلة أقوى مما كانت ، فقد برَّأها الله من فوق سبع سماوات ، ونزل فيها قرآن يُتلى . وترتب على ذلك الكثير من الأحكام والمعالجات ، فكان في ذلك الخير الكثير . كما أن مثل هذه المشاكل صار لها حل معلوم يمكن اتباعه في حالة وقوعها ، وهذا لم يكن الحال قبل وقوعها .
أثر التربية الإسلامية على قوة شخصية المسلم وإعدادها لمواجهة المشاكل
لم يَعُد خافياً على أي مِنّا حاجة المسلمين الماسة إلى التمسك بالقرآن والسنة ، إذ لا غنى لنا عنهما ، ولن تقوم لنا قائمة بغيرهما , ولن تكون لنا عزة إلا بهما . وهذا يُحتِّم علينا فهم ما فيهما فهما عمليا واقعيا مُنَزلاً على أرض الواقع ومرتبطاً به ارتباطاً وثيقاً ، تماما كما كان يفعل الرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته رضوان الله عليهم أجمعين . ولا يكفي مجرد الحفظ والتلاوة والاستحضار , وإن كان كلُّ ذلك مطلوباً وكلُّه فيه خير وعليه أجر ، بل لا بد من الاستيعاب المركَّز والتطبيق الفعلي .
فلا يمكن لشخص مثلا أن يكون فَهِم معنى التوكل فهما استيعابيا عمليا ، إذا كانت حياته قائمة فقط على الأسباب والمسببات . ولا يكون استوعب مفهومي الزرق والأجل إذا كان يقول بلسانه إن الرزق والأجل بيد الله وسلوكه مخالف لذلك . وكذلك حال من يستهين بالأحكام ويستخف بها قائلا إن الله غفور رحيم غيرَ ناظرٍ إلى جانب العقوبة .
الإسلام دين عملي أي أنه وُجد للتطبيق ، وما لم يكن هذا حاله فإنه يبقى مجرد معلومات نحفظها ونرددها . من الأمثلة الواقعية على ذلك كيفية مواجهة المشاكل والتغلب عليها وحلها . فقد رَبّى الإسلام أتباعه على الطريقة التي يُعالجون بها مشاكلهم سواء كانت خاصة بهم أو عامة تشمل غيرهم ، ووطَّن نفوسهم على ذلك .
ولتحقيق ذلك فقد نهج الإسلام نهجين : عام وخاص .
أما العام فإنه يرتكز على بناء مجتمع متجانس في العقيدة والأحكام ، أي أنهما ينبعان من نفس المصدر والمورد ، فلا يوجد تناقض في السلوك لا في المجتمع ولا عند الأفراد .
فإنك إن ربَّيت أبناءك على أفكار معينة فستكون مطمئنا انهم لن يجدوا ما يُناقض ذلك خارج نطاق الأسرة ، فتَقِل بذلك المشاكل .
كما أنه يفرض على المجتمع حياة عامة توفر على الفرد الكثير من العناء ، فيمنع المثيرات ويُوجِّه الإعلام وِجهة تحد من إثارة الغرائز وتهييجها ، ويحد من الاختلاط ، كما يقيِّد السلوك في كثير من المجالات بشكل يكون كفيلا بالحد من الكثير من المشاكل .
وهكذا فالإسلام يبني دفاعات حصينة في وجه المشاكل سواء على المستوى الفردي أو الجماعي أو في الأسرة . فالكل في انسجام وتوافق ، وهذا يقلل من الانحرافات والاصطدامات التي قد تنشأ بسبب اختلاف الأفكار أو التطبيق المُجَزأ لأفكار دون أخرى ، أو التناقض .
وهذه نقطة مهمة عند كل فرد مسلم ، فإنه لا بد أن يُفكر في مجتمعه وان يسعى إلى وجود مثل هذا المجتمع وأن يكون مستمرا في هذا النهج ، وذلك ليضمن عدم التناقض وعدم ضياع نفسه وأهله وأبنائه في خضم التناقضات .
فإنك قد تربي أبناءك تربية صحيحة ، لكن لا تضمن أن يتسرب الفساد إليهم من المدرسة أو الشارع أو العمل بسبب التناقضات . وهذا جزء من النهج الخاص الذي اختُطَّ للفرد المسلم الذي سيواجه المشاكل والصعوبات ويفكر في حلها والتغلب عليها .
هذا ونرجو الله أن يجعله من العلم النافع ، وان ينفع به المسلمين ، الذين نرجوهم ألا يبخلوا علينا بالدعاء لنا ، وأن يعملوا على نشره وتوزيعه لكل طالب علم ، وجزاكم الله خيرا .
عزيز محمد أبو خلف
باحث إسلامي
[email protected]
28 من محرم 1424
المصدر: خاص بإذاعة طريق الإسلام