إنسان الجاهلية العربية

محمد قطب إبراهيم

ولقد كان إنسان الجاهلية العربية غارقا في الشهوات، يعب منها بمقدار ما يتيح له وضعه الاجتماعي، ووضعه الاقتصادي، لا يرى في ذلك بأسا، بل يراها فخرا وكرامة!

  • التصنيفات: الدعوة إلى الله -

ولقد كان إنسان الجاهلية العربية غارقا في الشهوات، يعب منها بمقدار ما يتيح له وضعه الاجتماعي، ووضعه الاقتصادي، لا يرى في ذلك بأسا، بل يراها فخرا وكرامة! ويسوغها بمنطقه المعتل:
يقول طرفة بن العبد:

ولولا ثلاث هن من عيشة الفتى *** وجدك لم أحفل متى قام عودي
فمنهن سبقي العاذلات بشربة *** كميت متى ما تعل بالماء تزبد
وكري إذا نادى المضاف محنبا *** كسيد الغضا - نبهته - المتورد
وتقصير يوم الدجن، والدجن معجب *** ببهكنة تحت الطراف المعمد

فيذكر الخمر والنساء والحرب، وذلك بعد أن قال قبلها:

ألا أيهذا اللائمي أحضر الوغى *** وأن أشهد اللذات هل أنت مخلدي؟

فما دام الخلود مستحيلا - في واقع الحياة الدنيا - (فالمنطق) في الجاهلية أن يعب الإنسان من الشهوات بقدر ما يستطيع، لأنها فرصة واحدة، إن ضاعت لا تعود.

أما إنسان الجاهلية المعاصرة، فالشهوات في حياته هي الأصل الذي يعيش من أجله، وإن كان يعمل وينتج فمن أجل أن يحصل على الوسيلة التي تتيح له أكبر قدر من المتاع! يستوي في ذلك من كانت شهوته هي السلطة فيعمل على اكتسابها، أو شهوته هي الملك فيعمل على اكتسابه، أو شهوته هي الجنس ولذائذ الحس، وهي التي جعلتها الجاهلية المعاصرة سعارا محموما للصغير والكبير، والعاقل والمجنون، والرجل والمرأة على السواء!