قطعة الحديد

محمد قطب إبراهيم

وكما أن قطعة الحديد لا تفقد كل مغنطيسيتها إذا تركت مدة بلا حوافظ، ولكن تضعف فيها المغناطيسية بالتدريج، فكذلك النفس التي آمنت، لا يضيع إيمانها كله إذا تركت طويلا بلا حوافظ، ولكن يضعف إيمانها بالتدريج حتى يصبح إيمانا غير فاعل، وغير قادر على التماسك، حتى كأنه غير موجود في عالم الواقع.

  • التصنيفات: الدعوة إلى الله -

وكما أن قطعة الحديد لا تفقد كل مغنطيسيتها إذا تركت مدة بلا حوافظ، ولكن تضعف فيها المغناطيسية بالتدريج، فكذلك النفس التي آمنت، لا يضيع إيمانها كله إذا تركت طويلا بلا حوافظ، ولكن يضعف إيمانها بالتدريج حتى يصبح إيمانا غير فاعل، وغير قادر على التماسك، حتى كأنه غير موجود في عالم الواقع.
وهنا تبدو الحاجة الملحة إلى التربية على الإيمان، وليس مجرد الإيمان.

إن النفس البشرية تعاني في حياتها الدنيوية حركة موارة دائبة في كيانها، هي التي تحدثها الشهوات التي ورد ذكرها في كتاب الله المنزل: {زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام والحرث ذلك متاع الحياة الدنيا والله عنده حسن المآب} [آل عمران: 14].

وقد ذكرنا من قبل أن هذه الحركة الموارة الدائبة في داخل النفس - والتي من طبيعتها أن تدفع الإنسان إلى أعمال معينة وسلوك معين - هي نقطة الابتلاء الذي يعانيه الإنسان في حياته الدنيا، والذي تفترق فيه نفس عن نفس، وسلوك عن سلوك : {إنا جعلنا ما على الأرض زينة لها لنبلوهم أيهم أحسن عملا} [الكهف: 7].

وقد أجملت الآية الكريمة ذكر الشهوات التي تتحرك داخل النفس وتحركها إلى أعمال معينة وسلوك معين، لأن المجال ليس مجال التفصيل.(1) ولكن انفعالات الإنسان وأشواقه وهواتفه وجواذبه لا تكاد تحصى، ولا تكاد تنتهي، ولا تكاد تكف عن إلحاح، كما قال الشاعر: وحاجة من عاش لا تنقضي.