الابتلاء والتربية
محمد قطب إبراهيم
ولذلك فالابتلاء قائم في كل لحظة، والحاجة إلى التربية قائمة في كل لحظة كذلك، حتى تستقيم النفس على الوضع المطلوب، وتتحرر من العبودية للشهوات، وتتعود على الاستقامة حتى تصبح بالنسبة لها هي الأصل، وينطبق عليها قوله تعالى: {إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون} [فصلت: 30].
- التصنيفات: الدعوة إلى الله -
وقد ذكرنا من قبل أن هذه الحركة الموارة الدائبة في داخل النفس - والتي من طبيعتها أن تدفع الإنسان إلى أعمال معينة وسلوك معين - هي نقطة الابتلاء الذي يعانيه الإنسان في حياته الدنيا، والذي تفترق فيه نفس عن نفس، وسلوك عن سلوك : {إنا جعلنا ما على الأرض زينة لها لنبلوهم أيهم أحسن عملا} [الكهف: 7].
وقد أجملت الآية الكريمة ذكر الشهوات التي تتحرك داخل النفس وتحركها إلى أعمال معينة وسلوك معين، لأن المجال ليس مجال التفصيل.(1) ولكن انفعالات الإنسان وأشواقه وهواتفه وجواذبه لا تكاد تحصى، ولا تكاد تنتهي، ولا تكاد تكف عن إلحاح، كما قال الشاعر: وحاجة من عاش لا تنقضي.
ولذلك فالابتلاء قائم في كل لحظة، والحاجة إلى التربية قائمة في كل لحظة كذلك، حتى تستقيم النفس على الوضع المطلوب، وتتحرر من العبودية للشهوات، وتتعود على الاستقامة حتى تصبح بالنسبة لها هي الأصل، وينطبق عليها قوله تعالى: {إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون} [فصلت: 30].
ومع ذلك فلا عصمة للإنسان من الخطأ، ولا أمان لأحد من شهوات النفس التي توقعها في الأخطاء، وإن كان باب التوبة مفتوحا أمام البشر على الدوام: « ».
وهنا يظهر دور التربية، وحاجة البشرية إليها، وضرورة الاهتمام بها إلى أبعد الحدود.
(1) ورد التفصيل في آيات أخرى، وفي كثير من أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم.