اتقوا الله فينا ولا تتفرجوا علينا
ملفات متنوعة
اتقوا الله في مسلمي أهل العراق فسيسألكم الله عنهم يوم القيامة،
فأيكم يجد في نفسه قدرة على العطاء حتى ولو بكلمة فلا يبخل بها ......
- التصنيفات: قضايا إسلامية معاصرة -
المجتمع العراقي الذي تعصف به المحن وتتكالب عليه المصاعب مع وجود ما يقارب الخمسة ملايين يتيم عراقي ووجود مليون وتسعمائة ألف أرملة كان لابد مع ذلك من وجود بعض الجمعيات التي تقوم بعمل يمد لتلك الشرائح بعض العون والمساعدة, ومن هنا كانت جمعيات ومؤسسات تقوم بمهام من المفترض أن تكون من مهام الدولة ومؤسساتها ومن تلك المؤسسات الخيرية رابطة الأم العراقية, موقع المسلم كان له هذا الحوار مع الأستاذة سكينة الصميدعي (رئيسة رابطة الأم العراقية):
أجرت الحوار: إسراء البدر
- متى تأسست رابطة الأم العراقية ولماذا؟
- تأسست رابطة الأم العراقية في 17 رمضان 1425هـ الموافق 31/ 10 / 2004 م.
أما لماذا تأسست, فهو بسبب الظروف التي تعانيها المرأة المسلمة العراقية بعد الاحتلال من تشريد وتقتيل، وتغييب، وإلغاء دور المرأة المسلمة من خلال تفعيل دور المؤسسات العلمانية، والماسونية، ونشر الفساد، وضرب العقيدة الإسلامية، والمثل العربية والأخلاق في مقتل.. من هنا ارتأينا أن نبني جدارا حتى لو كان صغيرا نعتذر به لله سبحانه لعلنا نستطيع أن ندرأ هذه الموجات ونصدها. فكان تركيزنا على تفعيل دور المرأة في المجتمع من خلال التركيز على الهوية الثقافية، والعمل على إنقاذ ما يمكن إنقاذه على كافة الصعد الإنسانية.
- عضوات رابطة الأم العراقية هل هن من مستوى عمري واحد أم من مختلف الأعمار وهل هن من كافة أطياف الشعب العراقي أم هن من طائفة أو مذهب معين؟
عضوات رابطة الأم العراقية من أعمار مختلفة وفيهن من هي في سن السبعين، وأقل الأعمار سن 17 سنة ومن مختلف شرائح الشعب العراقي.
- هل نشاط رابطة الأم العراقية يقتصر على رعاية الأيتام أم لها أيضا دور على مستوى الأرامل المتزايد في العراق ؟
نشاط رابطة الأم العراقية لا يقتصر على رعاية الأيتام فقط، بل تهتم الرابطة بكل ما يهم المرأة المسلمة ويعلي من شأنها ويرفع عنها الأغلال التي قيدها بها الاحتلال وأذنابه، لذلك تسعى الرابطة دوما لإقامة دورات تدريبية للمرأة في مجال الكومبيوتر، والإعلام، والدورات الصحية، والخياطة، من أجل إيجاد فرص عمل للمرأة إضافة إلى إزالة حيف الجهل عنها خصوصا في هذا الظرف الذي نعيشه، لأن الجهل سوس ينخر عظام الأمم ويعين العدو على التمركز في بلادنا. كذلك تسعى الرابطة إلى إقامة مشاريع صغيرة للأمهات الأرامل وقد نفذت بفضل الله تعالى 75 مشروعا في الخياطة، وصناعة المعجنات، وفي إقامة سوق صغير للأرملة أو المتعففة داخل بيتها أو بالاشتراك مع أخيها في السوق، وحققت بفضل الله تعالى في هذا المجال نجاحا باهرا.
- عدد الأيتام في بداية تأسيس الرابطة كم كان يبلغ وكم هو العدد الآن؟
عدد الأيتام في بداية تأسيس الرابطة كان قليلا أما الآن فالعدد الذين تكفلهم الرابطة يبلغ 400 يتيم و عائلة متعففة ، ونحتفظ الآن في الرابطة بأكثر من 3000 ملف للأيتام متقدمين للحصول على الكفالة الشهرية ولكن لا يتوفر لهم كفيل.
- ما الذي تقدموه لليتيم العراقي الذي هو مسجل في رابطتكم وكم هي مقدار المنحة المالية التي تقدم له؟ وهل تستوعبون أكثر من يتيم داخل العائلة أم تكتفون بأخذ يتيم واحد تكفلونه على ضوء ماتعمل به أكثر الجمعيات والمؤسسات الخيرية بسبب الأعداد المتزايدة من الأيتام مع محدودية الإمكانات إن لم نقل عدمها؟
(40) دولارا تقريبا. ولا تشمل الكفالة إلا يتيم واحد في العائلة إلا إذا كان عدد الأيتام أكثر من سبعة فنأخذ اثنين منهم كي تصرف لهم الكفالة. ونقدم لليتيم بين الفينة والفينة مساعدات عينية كالملابس والسلات الغذائية التي تقدمها لنا غالبا الجمعيات الخيرية الإسلامية ذات الارتباط الدولي كجمعية آل مكتوم الخيرية، وجمعية النهرين للإغاثة.
- من أين تحصلون على الدعم المادي هل هو تمويل ذاتي عبر وجود مشاريع إنتاجية تعود على الرابطة بالمردود المادي أم إنكم تكتفون بالحصول على أموال من جهات معينة ومن تلك الجهات؟
نحصل على الدعم المادي أغلبه من الأفراد المحسنين وأهل الخير والبر، ومنهم التجار، وأصحاب المؤسسات، ومن أموال الزكوات، كذلك أقمنا مؤسسات داخل الرابطة كسوق خيري، وعيادات طبية، ومدرسة وروضة، وكذلك عيادة حجامة، وكان لنا فضل السبق فيها (عيادة للحجامة) وعليها إقبال شديد بفضل الله تعالى. كل هذه المؤسسات الصغيرة تساعدنا في أداء دورنا، وفي تحقيق جزء من مساعدة اليتيم والمحتاج.
- في ضوء ارتفاع أسعار النفط العالمية وانعكاس ذلك على وفرة الميزانيات للدول النفطية وباعتبار العراق من ضمن تلك الدول هل تقدم الحكومة العراقية دعما لرابطتكم خاصة إنكم مسجلين ضمن مؤسسات المجتمع المدني في العراق, إذا كان الجواب نعم فهل الدعم بمستوى الطموح وإذا كان الجواب بلا فلماذا لاتدعمكم الحكومة العراقية؟
لم تقدم لنا الحكومة أي دعم مادي إطلاقا. يشاع بين الفينة والفينة أن الحكومة ستخصص مبالغ مالية لمؤسسات "المجتمع المدني"؛ لكن لا صحة لهذه الإشاعات إطلاقا. وتسألوني عن السبب، لا أدري!!!
- كفالة اليتيم من ضمن الأمور التي حث عليها نبينا محمد (صلى الله عليه وسلم) وبما أن اليتيم العراقي يحتضر هل قدم لكم المسلمون دعما على أصعدة مختلفة وهل هذا الدعم بمستوى الكارثة التي تعصف بالعراق؟ وإذا لم تحصلوا على دعم عربي وإسلامي هل لأنكم طلبتم ولم يلتفت إليكم أم إنكم من الأصل لم تطلبوا المساعدات العربية والإسلامية؟
أغلب المسلمين يتفرجون على مأساتنا يتنعمون بأطيب المآكل والمشارب والمنافع، والطفل العراقي والأم العراقية تقاسي من أشد حالات الجوع والحرمان. ولا يغرنكم ما تشاهدونه على القنوات الفضائية الموالية للاحتلال كلهم دجاجلة.
نتلقى بعض الدعم من إخواننا العراقيين في الإمارات على مستوى محدود جدا، أما إخواننا العرب فلم نتلق منهم أي دعم لأننا لا نعرف كيف نصل إليهم، وهم أيضا لا يعرفوننا، ونسأله سبحانه أن يسخر لنا من يرد الله له الخير وينال الثواب.
- ماهي الصعوبات والعراقيل التي تواجه عملكم الاغاثي والدعوي؟ وهل حقيقة أن الوضع في العراق أقصد الأمني يشهد تحسنا ملموسا كما تخبرنا به وسائل الإعلام المختلفة؟
أهم الصعوبات التي تواجهنا هي حالة الطرق بحواجزها حيث إن ابن بغداد أصبح اليوم لا يعرف طرقها من كثرة الحواجز، وحبست الأحياء بأسوار كونكريتية ضخمة لا يرى ظاهرها من باطنها، ولكل حي من هذه الأحياء الضخمة منفذ واحد فقط وعلى قارئ هذه الأسطر أن يتخيل شدة المعاناة التي يعانيها الفرد العراقي في ظل الاحتلال وأذنابه.... لذلك نجد صعوبة جدا كبيرة في حرية الحركة والتنقل، يضاف إلى ذلك حدوث انقطاع سير المركبات بأمر من مراكز سيطرة الحرس، فقد يبقى الفرد في السيارة أربع أو خمس ساعات محبوسا ينتظر فتح هذا الطريق لا لشيء قد يكون نوع شك بسيارة مثلا أو بشخص ما وهكذا تتواصل المعاناة يوميا. كنا قبل سنتين مثلا نتحرك على الأحياء ونجري كشوفات على العوائل أما الآن فالأمر جدا صعب للغاية.
الأمر الثاني الذي يواجهنا هو: قلة مستوى الدعم وانخفاضه خصوصا بعد هجرة بعض التجار الذين كانوا يدعموننا دعما قويا. والمال هو عصب العمل، وأملنا بالله كبير إذ نتوجه إليه في حاجتنا وهو نعم المولى ونعم النصير.
الوضع الأمني لم يتحسن إطلاقا... إنما نحى منحى جديدا في وضعه إذ تحسن أمن المسئولين وصناع القرار من الأمريكان وعملائهم نوعا ما في بغداد. أما عامة الشعب فإنهم عرضة لكل حدث غير محسوب العواقب، واليوم نعيش محنة العبوات الناسفة التي يلصقونها بسيارة الضحية وقد تنفجر به في حي من الأحياء أو في تجمع مشهود فيذهب بها هو ومن معه.
أصبح الوضع أكثر خطورة من ذي قبل، وأكثر معاناة... هنا الإنسان في نظر الحكومة ونظر صناع القرار لا يساوي أكثر من ذبابة يسحق متى ما اشتهت نفوسهم لسحقه، فقد يسير بسيارته وسائق الدبابة الهمر يسير خلفه وأعجبه أن يتفنن في طريقة قتله فإنه لا مانع لديه أن يدوس عليه هو وسيارته فيتركه قطعة لحم مثرومة بين طيات المعدن وكأنه قرص نحاسي وهذا الحادث تكرر كثيرا... هل تذكر ذلك وسائل الإعلام هذه الحوادث؟؟؟ وان عطف عليه رماه برصاصة أو رصاصتين وكل الذنب انه كيف يتجرأ على السير والدبابة تسير في الشارع.. هذا مشهد من المشاهد التي تتكرر يوميا... فهل يدعي بعد ذلك أحد أن الوضع الأمني قد تحسن؟!
- كيف تقرؤون الواقع العراقي وهل انتم متفائلون به؟
الواقع العراقي لا يمكن له أن يتنفس هواء العافية إلا بعد زوال الاحتلال، فكل الجرائم التي تشهدها الساحة بسبب الاحتلال فالفرقة القذرة للاحتلال، وخلايا الموساد المنتشرة بكثرة في كل أنحاء العراق كلها تؤدي أدوارا مختلفة في انتهاك كرامة الإنسان العراقي، وسلب حريته. فتفاؤلنا ينبعث من زوال الاحتلال.
- باعتباركم على تماس مع الطفل العراقي وخاصة اليتيم كيف تقرؤون المستقبل في عيونه؟ وهل تعتقدون أنه سيعيش طفلا سوي لا يحمل حقدا على العالم الذي وقف متفرجا على آلامه؟
سألت مرة أحد الأطفال قد قتل أباه وتشردت عائلته عمره تسع سنوات، قلت له ملاطفة: "ماهي أمنيتك في الحياة؟؟!!"، فنظر إلي نظرة حادة لا تتناسب وطفولته ثم قال: "أمنيتي أن آخذ بثأر أبي..".
أنظر أخي الكريم رعاك الله ماذا يصنع الظلم... إنه يحرم الطفل من روعة طفولته. يتركه يحمل هم الكبار في الوقت الذي من المفروض أن يحمل الكبير همه. إن هذا الشعور الذي يحمله في صدره هذا الطفل قد يمتد ليشمل العالم بأسره فيسبب عدم توازن في قانون الحياة ولا حول ولا قوة إلا بالله.
- ماهي مشاريعكم المستقبلية هل ستتوسع الرابطة لفتح فروع أخرى لها في أنحاء متفرقة من العراق أم إن إمكاناتكم تحول دون ذلك؟
مشاريعنا المستقبلية والتي نحن اليوم بصددها هو افتتاح مدرسة أهلية تهتم بشؤون الأيتام وغيرهم, نسعى من خلالها إلى انتشال الطفل اليتيم من الشارع لنحميه بعون الله تعالى في هذه المدرسة من الضياع، فبسبب غياب المعيل يضطر اليتيم لترك المدرسة فنحن نرمي من خلال إقامة هذه المدرسة إلى كفالته وتعليمه وتقديم وجبة غذائية مجانية له مع كسوة الصيف والشتاء، إضافة إلى تعليمه القران الكريم تلاوة وحفظا، مع برامج الحاسوب، واللغات الأجنبية ونحن الآن بصدد تهيئة المبنى الذي تبرع به لنا احد المحسنين، وبعون الله تعالى سيتم افتتاح المدرسة في بداية العام القادم بإذن الله تعالى.
- لو طلبت منكم كلمة أخيرة لمن ستوجهونها وماهي فحواها؟؟
كلمتنا الأخيرة نوجهها لكل من يقرأ خطابنا هذا فنقول لهم:
"اتقوا الله في مسلمي أهل العراق فسيسألكم الله عنهم يوم القيامة، فأيكم يجد في نفسه قدرة على العطاء حتى ولو بكلمة فلا يبخل بها، فأهل العراق هم كنز الإيمان، وجمجمة العرب، وفيهم رجال وصفهم رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بالعصائب في آخر الزمان. وها نحن نراهم واقعا حيا.. ألا تتمنوا أن تحشروا معهم؟؟!
وأقول: "لا تصدقوا ما تبثه القنوات الفضائية المعادية للإسلام وأهله من ضلالات، جلها محض افتراء وزور واسمعوا واقرؤا من القنوات الصادقة المخلصة".
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين... وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ومن اتبع هديه إلى يوم الدين.
موقع المسلم
المصدر: موقع المسلم