(9) سعد بن معاذ رضي الله عنه

«لقد اهتز العرش لوفاة سعد بن معاذ»

اسمه وكنيته:

سعد بن معاذ بن النعمان بن امرئ القيس بن زيد بن عبد الأشهل بن جشم بن الحارث بن الخزرج بن النبيت بن مالك بن الأوس الأنصاري الأشهلي، سيد الأوس.
وأمه: كبشة بنت رافع لها صحبة.
ويُكنى: أبا عمرو.

بعض أخباره وفضائله:

قال ابن إسحاق: " لما أسلم وقف على قومه فقال: يا بني عبد الأشهل كيف تعلمون أمري فيكم؟ قالوا: سيدنا فضلاً وأيمننا نقيبة، قال: فإن كلامكم علي حرام، رجالكم ونساؤكم، حتى تؤمنوا بالله ورسوله، قال: فوالله ما بقي في دار بني عبد الأشهل رجل ولا امرأة إلا وأسلموا ". وقد شهد بدراً باتفاق، ورمي بسهم يوم الخندق، فعاش بعد ذلك شهراً، حتى حكم في بني قريظة، وأجيبت دعوته في ذلك، ثم انتقض جرحه فمات. أخرج ذلك البخاري وذلك سنة خمس.

وقال المنافقون: لما خرجت جنازته ما أخفها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «إن الملائكة حملته». وفي الصحيحين وغيرهما من طرق أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «اهتز العرش لموت سعد بن معاذ».

وعن عائشة رضي الله عنها قالت: "كان في بني عبد الأشهل ثلاثة لم يكن أحد أفضل منهم: سعد بن معاذ، وأسيد بن حضير، وعباد بن بشر". وروى البخاري من حديث أبي سعيد الخدري أن بني قريظة لما نزلوا على حكم سعد وجاء على حمار، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «قوموا إلى سيدكم».

وعن عائشة رضي الله عنها قالت: "أقبلنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قافلين من مكة حتى إذا كنا بذي الحليفة وأسيد بن حضير بيني وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيلقى غلمان بني عبد الأشهل من الأنصار فسألهم أسيد، فنعوا له امرأته، فتقنع يبكي، قلت له: غفر الله لك أتبكي على امرأة وأنت صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد قدم الله لك من السابقة ما قدم؟!. فقال: ليحق لي أن لا أبكي على أحد بعد سعد بن معاذ، وقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ما يقول، قلت: وما سمعت؟ قال: قال: «لقد اهتز العرش لوفاة سعد بن معاذ»". وهذا الحديث متواتر . ومعنى «اهتز» كما قال النضر، وهو إمام أهل اللغة: فَرح.

وعن واقد بن عمرو بن سعد قال: "دخلت على أنس بن مالك، وكان واقد من أعظم الناس وأطولهم، فقال لي: من أنت؟ قلت: أنا واقد بن عمرو بن سعد بن معاذ، قال: إنك بسعد لشبيه، ثم بكى فأكثر البكاء، ثم قال: يرحم الله سعداً كان من أعظم الناس وأطولهم، بعث رسول الله جيشاً إلى أكيدر دومة، فبعث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بجبة من ديباج منسوج فيها الذهب فلبسها رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعلوا يمسحونها وينظرون إليها، فقال: «أتعجبون من هذه الجبة؟». قالوا: يا رسول الله ما رأينا ثوباً قط أحسن منه، قال: «فوالله لمناديل سعد بن معاذ في الجنة أحسن مما ترون»".  وأخبار سعد بن معاذ رضي الله عنه وفضائله كثيرة جداً.

وفاته:

رمي يوم الخندق سنة خمس من الهجرة فمات من رميته تلك وهو يومئذ ابن سبع وثلاثين سنة فصلى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ودفن بالبقيع.

 

فائدة قيمة:

عن عبد الرحمن بن جابر عن أبيه قال: "لما انتهوا إلى قبر سعد نزل فيه أربعة الحارث بن أوس، وأسيد بن الحضير، وأبو نائلة سلكان، وسلمة بن سلامة بن وقش، ورسول الله صلى الله عليه وسلم واقف، فلما وضع في قبره، تغير وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم وسبح ثلاثاً، فسبح المسلمون، حتى ارتج البقيع، ثم كبر ثلاثاً، وكبر المسلمون، فسُئِل عن ذلك فقال: «تضايق على صاحبكم القبر، وضم ضمة لو نجا منها أحد لنجا هو، ثم فرج الله عنه»".

قال الذهبي رحمه الله معلقاً على هذه الضمة التي تكون في القبر: "قلت هذه الضمة ليست من عذاب القبر في شيء، بل هو أمر يجده المؤمن كما يجد ألم فقد ولده وحميمه في الدنيا، وكما يجد من ألم مرضه، وألم خروج نفسه، وألم سؤاله في قبره وامتحانه، وألم تأثره ببكاء أهله عليه، وألم قيامه من قبره، وألم الموقف وهوله، وألم الورود على النار، ونحو ذلك، فهذه الأراجيف كلها قد تنال العبد، وما هي من عذاب القبر، ولا من عذاب جهنم قط، ولكن العبد التقي يرفق الله به في بعض ذلك أو كله، ولا راحة للمؤمن دون لقاء ربه، قال الله تعالى: {وَأَنذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ} [مريم من الآية:39]، وقال: {وَأَنذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ ۚ مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ} [غافر:18].

فنسأل الله تعالى العفو واللطف الخفي. ومع هذه الهزات، فسعدٌ ممن نعلم أنه من أهل الجنة، وأنه من أرفع الشهداء رضي الله عنه.

كأنك يا هذا تظن أن الفائز لا ينالُه هول في الدارين، ولا روع، ولا ألم، ولا خوف. سلْ ربك العافية، وأن يحشُرنا في زمرة سعد. 

 

من مصادر الترجمة:

السير [1/279]، والإصابة [2/37 -38]، وأسد الغابة [2/ 373 -377]، وشذرات الذهب [1/11].

المصدر: موقع الكلم الطيب