هل الفرح بثناء الناس وشكرهم رياء؟

أحمد كمال قاسم

فالفرح بالمدح ليس مذمومًا، ولكن المذموم هو أن يحسب الإنسان أنه (أوتيه على علم عنده!)، وينسى فضل الله عليه

  • التصنيفات: التقوى وحب الله - تزكية النفس - أعمال القلوب -

إن استحسان الثناء هو من طبيعة النفس البشرية، ومن العنت وعدم الواقعية أنه لا يَسلم الإيمان إلا بالتخلص منها تمامًا.

والرياء في رأيِّ هو أن يعمل المرء طاعة أو عملًا محمودًا؛ شرعًا ابتداءً لإعجاب الغير، فيريد في نفسه أن يعجب الناسَ فعلُه الطاعة، أما الشكر الذي يأتي للإنسان ولم يكن غاية من الطاعة، فلا أراها من الرياء.

أرأيتم الغنيمة في الجهاد؟

لو خرج المسلم مجاهدًا طمعًا فيها فهذا مذموم، أما لو خرج المسلم مجاهدًا في سبيل الله ثم بعد أن انتهى أتاه نصيبًا

من الغنائم ففرح بها، هل يقول عاقل أن هذا مذموم؟!

والنفس الإنسانية لا تستطيع الحياة وحدها، ويكون من الشطط أن نفهم قوله صلى الله عليه وسلم «وإن استعنت فاستعن بالله» (صحيح؛ سنن الترمذي: 2516)، ألا يطلب الإنسان من الناس أن يساعدوه، ولكن غاية ما في الأمر أنه يعلم أنهم إن هم إلا وسائل لعون الله له ولهم، لأنه أيضًا كان سببًا أن يفوزوا بثواب من ربهم.

كذلك هو التقدير والشكر والثناء على العمل الجيد، فهي إعانة نفسية من الناس للإنسان، تشحذ همته، وتدفعه إلى

الأمام، ولو اتجه الإنسان لله بقلبه؛ فحمده على أن أسعده الله بثناء الناس على الخير عند، فذلك في نظري عين

الإخلاص.

قال عليه الصلاة والسلام : «أهل الجنة من ملأ الله أذنيه من ثناء الناس خيرًا، وهو يسمع، وأهل النار من ملأأذنيه من ثناء الناس شرًا، وهو يسمع» (رواه ابن ماجه، وصححه الألباني).

وتُوجد آيات قرآنية وأحاديث نبوية لا يمكن أن تُفسر؛ إلا إذا كان الفرح بالشكر والثناء على العمل من الحلال،

والرزق الطيب، مثل:

قال تعالى: {لاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَواْ وَّيُحِبُّونَ أَن يُحْمَدُواْ بِمَا لَمْ يَفْعَلُواْ فَلاَ تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ مِّنَ الْعَذَابِ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [آل عمران:188].

المعنى الضمني للآية؛ غير المباشر للآية: إن حُب الإنسان أن يُحمد بما فَعَل ليس فيه حرج.

أيضًا:

قال صلى الله عليه وسلم: «من لم يشكر الناس لم يشكر الله عز وجل» (صحيح؛ مسند أحمد: 13/24).

فلو كان الفرح بالشكر مذمومًا لكان شكر الناس فيه فتنة للناس، ولنهانا الإسلام أن نشكرهم حتى لا نفتنهم.

لكن المهم هنا أن يتذكر الإنسان كل حين على قدر استطاعته، أن مدح الناس له هو ثناء على نعم الله فيه، فهو لا

فضل له في أي شيء يُمدح عليه، ولكن الفضل لله.

فالفرح بالمدح ليس مذمومًا، ولكن المذموم هو أن يحسب الإنسان أنه (أوتيه على علم عنده!)، وينسى فضل الله

عليه، ولا يشكر الله على نعمه التي استحق بها حمد الناس له.

المراجع
http://www.saaid.net...ssuhaim/180.htm 

والله أعلم.

المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام