لماذا انتفض الغرب ضد "داعش"؟

تنظيم داعش موجود منذ سنوات في العراق ولم تظهر قوته بهذا الشكل إلا بعد أن انتفضت العشائر السنية ضد ممارسات حكومة المالكي الشيعية الطائفية وقامت بطرد قواته من شمال البلاد وقررت أن توقف الزحف الإيراني في العراق والمستمر تحت سمع وبصر الاحتلال الأمريكي منذ الغزو وعندما بدأت تباشير النصر تظهر ضغطت واشنطن على إيران للتخلي عن المالكي مقابل أن توقف الزحف السني ووصمه بالإرهاب بدعوى أن داعش هي التي تسيطر عليه.

  • التصنيفات: أحداث عالمية وقضايا سياسية -

أصبح تنظيم "داعش" بين ليلة وضحاها الشغل الشاغل للعالم أجمع واصبح التنظيم هو الخطر على الأمن ليس فقط في منطقة الشرق الأوسط ولكن في العالم كله! وصرح مسؤولون أمريكيون بأن السكوت على هذا التنظيم سيؤدي إلى تهديد الولايات المتحدة في عقر دارها! واستنفرت واشنطن وغيرها من العواصم الغربية جهودها من أجل حشد أكبر تحالف ممكن من داخل المنطقة ومن خارجها من أجل محاربة هذا التنظيم في حالة عصبية تذكرنا بالتحالف الذي جمعه المحافظون الجدد برئاسة زعيمهم جورج بوش عقب هجمات سبتمبر 2001 من أجل القضاء على تنظيم القاعدة وشن على أثره حربين كبيرتين في أفغانستان والعراق علاوة على حروب صغيرة في العديد من الدول وحملة مسعورة طالت المسلمين في معظم بلدان العالم لمجرد انتمائهم الديني وهو ما انتقدته ولا زالت العديد من المنظمات الدولية الحقوقية.
 
ورغم الهزائم التي لحقت بهذا التحالف في العراق وأفغانستان والخسائر التي لحقت به وإعلان قيادات عديدة من داخل هذا التحالف عن ندمها بشأن خوض هذه المعارك ومجيء قيادة جديدة في البيت الأبيض هاجمت بشدة سلوك القيادة القديمة بشأن هذا الملف إلا أن ما يجري حاليا بشأن التعامل مع تنظيم "داعش" يؤكد أن الاهداف التي تسعى إليها الدول الغربية من وراء هذه الحملة لا يتعلق "بداعش" أو بغيرها ولكنه يتعلق بنفس الأهداف السابقة للتحالف القديم والذي تعرض للانهيار وأراد أصحابه استغلال "داعش" لإحيائه من أجل توطيد سيطرته على المنطقة وإخافة بلدانها وشعوبها وإجبارها على الرضا بالتوازنات الجديدة التي تقضي على ثورات الربيع العربي وتمنح نظام الأسد قبلة الحياة مرة أخرى وتوسع من النفوذ الإيراني الذي أصبح يمتد لمناطق عديدة لم يكن قد وصل إليها بهذه القوة عندما انطلق التحالف القديم.
 
تنظيم داعش موجود منذ سنوات في العراق ولم تظهر قوته بهذا الشكل إلا بعد أن انتفضت العشائر السنية ضد ممارسات حكومة المالكي الشيعية الطائفية وقامت بطرد قواته من شمال البلاد وقررت أن توقف الزحف الإيراني في العراق والمستمر تحت سمع وبصر الاحتلال الأمريكي منذ الغزو وعندما بدأت تباشير النصر تظهر ضغطت واشنطن على إيران للتخلي عن المالكي مقابل أن توقف الزحف السني ووصمه بالإرهاب بدعوى أن داعش هي التي تسيطر عليه.
 
ليس هذا فحسب فالتدخل بهذا الشكل تحت لافتة "محاربة داعش" سيمتد إلى سوريا وبالتالي سيصبح العدو الأول هو داعش وليس نظام الأسد الذي قتل أضعاف من قتلته "داعش" وفي هذا السياق ومع ضرورة توسيع التحالف يصبح لإيران دورا بارزا وتتمكن من التدخل العسكري بشكل رسمي في العراق وسوريا.
 
العجيب أن هذه الانتفاضة الكبرى على داعش بدعوى سيطرتها على مناطق في العراق لا تشمل من قريب أو بعيد جماعة الحوثيين الشيعة في اليمن الذين اقتحموا العاصمة اليمنية صنعاء واحتلوا مناطق واسعة قريبة من الحدود مع السعودية, وتدور اشتباكات عنيفة حاليا داخل العاصمة بينهم وبين الجيش اليمني وصلت إلى قرب منزل رئيس الجمهورية واستهدفت مبنى التلفزيون الحكومي وهي جماعة اتهمتها الحكومة اليمنية صراحة بتلقي دعم من إيران مثلما يتلقى حزب الله في لبنان ولكن يبدو أنه لا خوف من هؤلاء لأسباب لم تعد خافية على أحد ومن أهمها أنهم لا يمثلون تهديدا للغرب ولكن يمثلون تهديدا للدول السنية وهو أمر لا يعني الغرب كما ان الغرب يعرف كيف يتعامل مع من يحركهم في إطار الصفقات وتقسيم مناطق النفوذ..والسؤال الذي يطرح نفسه هل تفطن دول المنطقة التي انضمت للتحالف ضد "داعش" لما تخطط له الدول الغربية؟ ولماذا لم تطرح تحالفا مماثلا ضد الحوثيين وحزب الله وبقية المليشيات الشيعية الإرهابية التي تقتل وتخيف أهل السنة بدعم من دولة ذات نفوذ مثل إيران؟!

خالد مصطفى