الاعتداء على غير المسلمين
عبد الرحمن بن ناصر البراك
فينبغي لكل عاقل أن يُعرّف بالإسلام ويدعو إليه بلسانه وحاله وخلقه، ويستنقذ الناس من النار بدلالتهم على الهدى والخير، كما ينبغي لكل عاقل أن يتبصر في دين الإسلام ليعرف حقيقته، وسيرى إن اجتهد في طلب الحق أن الإسلام دين الله الحق، وأن خلاص نفسه من عذاب الله إنما هو بالدخول في الإسلام، ( ومن يبتغِ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين ) [آل عمران: 85]، والله - تعالى - يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم.
- التصنيفات: الملل والنحل والفرق والمذاهب -
الحمد لله، وبعد: فدين الإسلام: هو دين الله الذي بعث به رسله من نوح - عليه السلام -، بل من آدم إلى خاتمهم محمد - صلى الله عليه وسلم -. فالإسلام الذي أصله: عبادة الله وحده لا شريك له، وطاعته وطاعة رسله هو الدين الحق الذي لا يقبل من أحد دين سواه، قال- تعالى-: ( ومن يبتغِ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين) [آل عمران: 85]. فأتباع موسى وعيسى ومن قبلهما - عليهم السلام - كانوا على الإسلام حتى بُعث محمداً - صلى الله عليه وسلم - فنسخ الله بشريعته ما تقدمها من الشرائع، فالإسلام اليوم هو شريعة الله التي تضمنها القرآن وسنة الرسول - عليه الصلاة والسلام - كل من شهد ألا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، والتزم شريعة الله فهو مسلم، فمن خرج عن ذلك فهو كافر. فالناس صنفان: مسلم وكافر ، فغير المسلمين هم الكافرون، والكفار باعتبار أحكام الشريعة فيهم ثلاثة أصناف: ذميّ، ومعاهد، ومحارب.
فالذمي: هو الذي التزم دفع الجزية، ورضي بالإقامة تحت سلطان المسلمين آمناً على نفسه وماله وسائر حرماته.
والثاني المُعاهد: وهو الذي كان بينه وبين المسلمين عهد، سواءً كان في دار الإسلام أم في بلاده، فهذا أيضاً معصوم الدم والمال لا يجوز الاعتداء عليه في نفسه ولا ماله، ولا بغش ولا سرقة، ولا أي لون من ألوان العدوان.
والثالث: هو المحارب للمسلمين، وهذا حلال الدم والمال يجب على المسلمين إذا استطاعوا أن يحاربوه ويجاهدوه؛ لأنه عدو للإسلام وأهله من جميع الوجوه، قال - سبحانه وتعالى -: ( لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين * إنما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم في الدين وأخرجوكم من دياركم وظاهروا على إخراجكم أن تولوهم ومن يتولهم فأولئك هم الظالمون) [الممتحنة: 8-9]. فإذا قاتل المسلمون أعداءهم المحاربين فإنه لا يجوز لهم قتل نسائهم ولا صبيانهم، ولا من ليس من أهل القتال كالشيخ الفاني، فدين الإسلام يحرم الظلم والعدوان إلا على من اعتدى وظلم، قال تعالى-: ( الشهر الحرام بالشهر الحرام والحرمات قصاص فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم واتقوا الله واعلموا أن الله مع المتقين ) [البقرة: 194].
وبهذا يعلم أن ما يقع من بعض جهلة المسلمين من الاعتداء على حقوق الآخرين من غير المسلمين، والذين أقام هؤلاء المسلمون في بلادهم بموجب الأنظمة والقوانين المتبعة التي تقتضي ألا يعتدي أحد على أحد، ما يقع من هؤلاء من السرقة، أو جحد حق، أو الاعتداء على الغير بضرب، أو سب بغير تسبب من الآخر كل ذلك مما تحرمه شريعة الإسلام، فما يفعله هؤلاء ليس من الإسلام في شيء، بل وأعظم من ذلك ما يقوم به بعض الغالطين من أعمال إرهابية: كتفجير بعض المؤسسات، فإن ذلك ليس من الجهاد الذي شرعه الله لنشر العدل ولإعلاء كلمة الله في أرض الله وبين عباد الله، بل هو من الإفساد المنهي عنه، قال - سبحانه وتعالى -: ( ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها إن رحمة الله قريب من المحسنين ) [الأعراف: 56]، وقال - سبحانه وتعالى -: ( ادعُ إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن ) [النحل: 125].
فينبغي لكل عاقل أن يُعرّف بالإسلام ويدعو إليه بلسانه وحاله وخلقه، ويستنقذ الناس من النار بدلالتهم على الهدى والخير، كما ينبغي لكل عاقل أن يتبصر في دين الإسلام ليعرف حقيقته، وسيرى إن اجتهد في طلب الحق أن الإسلام دين الله الحق، وأن خلاص نفسه من عذاب الله إنما هو بالدخول في الإسلام، ( ومن يبتغِ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين ) [آل عمران: 85]، والله - تعالى - يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم.