علامات حُب الله تعالى للعبد
محبة الله "هي المنزلة التي فيها تنافس المتنافسون.. وإليها شخص العاملون.. وإلى عَلَمها شمر السابقون.. وعليها تفانى المحبون
- التصنيفات: الطريق إلى الله -
محبة الله "هي المنزلة التي فيها تنافس المتنافسون.. وإليها شخص العاملون.. وإلى عَلَمها شمر السابقون.. وعليها تفانى المحبون.. وبِرَوحِ نسيمها تروَّح العابدون.. فهي قوت القلوب وغذاء الأرواح.. وقرة العيون. وهي الحياة التي من حُرِمها فهو من جملة الأموات.. والنور الذي من فقده فهو في بحار الظلمات.. والشفاء الذي من عدمه حلت بقلبه الأسقام.. واللذة التي من لم يظفر بها فعيشه كله هموم وآلام.. وهي روح الإيمان والأعمال.. والمقامات والأحوال.. التي متى خَلَت منها فهي كالجسد الذي لا روح فيه". فاللهم اجعلنا من أحبابك.
ومحبة الله لها علامات وأسباب كالمفتاح للباب، ومن تلك الأسباب:
1- اتباع هدي النبي صلى الله عليه وسلم؛ قال تعالى في كتابه الكريم: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [آل عمران:31].
2- الذل للمؤمنين، والعزة على الكافرين، والجهاد في سبيل الله، وعدم الخوف إلا منه سبحانه. وقد ذكر الله تعالى هذه الصفات في آية واحدة، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ} [المائدة:54]. ففي هذه الآية ذكر الله تعالى صفات القوم الذين يحبهم، وكانت أولى هذه الصفات: التواضع وعدم التكبر على المسلمين، وأنهم أعزة على الكافرين: فلا يذل لهم ولا يخضع، وأنهم يجاهدون في سبيل الله: جهاد الشيطان، والكفار، والمنافقين والفساق، وجهاد النفس، وأنهم لا يخافون لومة لائم: فإذا ما قام باتباع أوامر دينه فلا يهمه بعدها من يسخر منه أو يلومه.
3- القيام بالنوافل: قال الله عز وجل في الحديث القدسي: «
»، ومن النوافل: نوافل الصلاة والصدقات والعمرة والحج والصيام.4- الحبّ، والتزاور، والتباذل، والتناصح في الله. وقد جاءت هذه الصفات في حديث واحد عن الرسول صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه عز وجل قال: « » (رواه أحمد:(4/ 386) و(5/ 236) و(التناصح) عند ابن حبان (3/ 338) وصحح الحديثين الشيخ الألباني في (صحيح الترغيب والترهيب: (3019 و3020 و3021).
و"معنى «
»: أي أَنْ يَكُونَ زِيَارَةُ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ مِنْ أَجْلِهِ وَفِي ذَاتِهِ وَابْتِغَاءِ مَرْضَاتِهِ مِنْ مَحَبَّةٍ لِوَجْهِهِ أَوْ تَعَاوُنٍ عَلَى طَاعَتِهِ.وَقَوْلُهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: «
»: أي يَبْذُلُونَ أَنْفُسَهُمْ فِي مَرْضَاتِهِ مِنْ الِاتِّفَاقِ عَلَى جِهَادِ عَدُوِّهِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا أُمِرُوا بِهِ" (انتهى من (المنتقى شرح الموطأ) حديث 1779).5- الابتلاء، فالمصائب والبلاء امتحانٌ للعبد، وهي علامة على حب الله له؛ إذ هي كالدواء، فإنَّه وإن كان مُرّاً إلا أنَّك تقدمه على مرارته لمن تحب ولله المثل الأعلى ففي الحديث الصحيح: « » (رواه الترمذي:2396، وابن ماجه:4031 ، وصححه الشيخ الألباني). ونزول البلاء خيرٌ للمؤمن من أن يُدَّخر له العقاب في الآخرة، كيف لا وفيه تُرفع درجاته وتكفر سيئاته، قال النبي صلى الله عليه وسلم: « » (رواه الترمذي:2396، وصححه الشيخ الألباني). وبيَّن أهل العلم أن الذي يُمسَك عنه هو المنافق، فإن الله يُمسِك عنه في الدنيا ليوافيه بكامل ذنبه يوم القيامة. فاللهم اجعلنا من أحبابك.
فإذا أحبك الله فلا تسل عن الخير الذي سيصيبك.. والفضل الذي سينالك.. فيكفي أن تعلم بأنك حبيب الله.. فمن الثمرات العظيمة لمحبة الله لعبده ما يلي:
أولاً: حبُّ الناسِ له والقبول في الأرض، كما في حديث (البخاري:3209): « ».
ثانيًا: ما ذكره الله سبحانه في الحديث القدسي من فضائل عظيمة تلحق أحبابه فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «
» (رواه البخاري 6502).فقد اشتمل هذا الحديث القدسي على عدة فوائد لمحبة الله لعبده:
1- كنت سمعه الذي يسمع به أي أنه لا يسمع إلا ما يُحبه الله.
2- وبصره الذي يبصر به فلا يرى إلا ما يُحبه الله.
3- ويده التي يبطش بها فلا يعمل بيده إلا ما يرضاه الله.
4- ورجله التي يمشي بها فلا يذهب إلا إلى ما يحبه الله.
5- وإن سألني لأعطينه فدعاءه مسموع وسؤاله مجاب.
6- وإن استعاذني لأعيذنه فهو محفوظٌ بحفظ الله له من كل سوء.
نسأل الله أن يوفقنا لمرضاته.. والله أعلم.