الصِّدِّيقون وصفاتهم

أولياء الله تعالى هم الأتقياء من خلقه، فكل من كان تقياً كان لله ولياً، وتتفاوت الولاية بحسب إيمان العبد وتقواه، وأعلى درجاتها بعد منزلة النبوة: منزلة الصديقية، وأصحابها هم الصِّدِّيقُونَ...

  • التصنيفات: تزكية النفس -

السؤال:
من هم الصِدِّيقون وفقاً للقرآن والسنة؟ وما صفاتهم وفضائلهم؟ وكيف يمكن للمرء أن يصير واحداً منهم؟

الجواب:
الحمد لله
أولاً:

علو الهمة، وطلب معالي الأمور، والرغبة في مزيد الترقي والتقرب إلى الله بفعل الصالحات وترك المنكرات: من الأمور المشروعة المستحبة، روى البخاري [7423] عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «إِذَا سَأَلْتُمُ اللَّهَ فَسَلُوهُ الفِرْدَوْسَ، فَإِنَّهُ أَوْسَطُ الجَنَّةِ، وَأَعْلَى الجَنَّةِ، وَفَوْقَهُ عَرْشُ الرَّحْمَنِ، وَمِنْهُ تَفَجَّرُ أَنْهَارُ الجَنَّةِ». ولا حرج على المسلم أن يدعو الله أن يكون من الأولياء الصالحين، أو الصديقين المخلصين.


ثانياً:
أولياء الله تعالى هم الأتقياء من خلقه، فكل من كان تقياً كان لله ولياً، وتتفاوت الولاية بحسب إيمان العبد وتقواه، وأعلى درجاتها بعد منزلة النبوة: منزلة الصديقية، وأصحابها هم الصِّدِّيقُونَ؛ قال الله تعالى: {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا} [النساء:69]. وقال تعالى: {وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ أُولَئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَدَاءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَنُورُهُمْ} [الحديد من الأية:19].


قال الخازن رحمه الله: "الصدّيق: الكثير الصدق... والصديقون هم أتباع الرسل الذين اتبعوهم على مناهجهم بعدهم، حتى لحقوا بهم، وقيل الصديق هو الذي صدّق بكل الدين، حتى لا يخالطه فيه شك" (انتهى من تفسير الخازن: [1/397]).

 
وقال القرطبي رحمه الله: "الصِّدِّيقُ: فِعِّيلٌ، الْمُبَالِغُ فِي الصِّدْقِ أَوْ فِي التَّصْدِيقِ، وَالصِّدِّيقُ هُوَ الَّذِي يُحَقِّقُ بِفِعْلِهِ مَا يَقُولُ بِلِسَانِهِ، وَقِيلَ: هُمْ فُضَلَاءُ أَتْبَاعِ الْأَنْبِيَاءِ الَّذِينَ يَسْبِقُونَهُمْ إِلَى التَّصْدِيقِ كَأَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ" (انتهى من تفسير القرطبي: [5/272]).


وقال السعدي رحمه الله: "الصديقون: هم الذين كملوا مراتب الإيمان والعمل الصالح، والعلم النافع، واليقين الصادق" (انتهى من تفسير السعدي ص: [841]).


وقال ابن القيم رحمه الله: "أَعْلَى مَرَاتِبِ الصِّدْقِ: مَرْتَبَةُ الصِّدِّيقِيَّةِ، وَهِيَ كَمَالُ الِانْقِيَادِ لِلرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مَعَ كَمَالِ الْإِخْلَاصِ لِلْمُرْسِلِ" (انتهى من مدارج السالكين: [2/258]). (وينظر للفائدة جواب السؤال رقم: [2424]).


ثالثاً:
من اتبع الصديقين على ما هم عليه من الصدق والتصديق، والتقوى والصلاح: كان منهم، وحشر معهم، قال تعالى: {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا}.

فمن أراد تحري هذه المنزلة، وأن يمن الله بها عليه، ويكون من أهلها: "فعليه بالصدق التام في القول والفعل، وبتقوى الله في السر والعلن".