إفشاء السلام

الإسلام سؤال وجواب

  • التصنيفات: الدعوة إلى الله -

إفشاء السلام بين المسلمين من شعائر الإسلام الظاهرة، وهو من مكارم الأخلاق ومعاليها، ومن أعظم أسباب التحاب والتآخي بين المسلمين.

روى (مسلم: [54]) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا، وَلَا تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا، أَوَلَا أَدُلُّكُمْ عَلَى شَيْءٍ إِذَا فَعَلْتُمُوهُ تَحَابَبْتُمْ؟ أَفْشُوا السَّلَامَ بَيْنَكُمْ».

قال النووي رحمه الله: "فِيهِ الْحَثُّ الْعَظِيمُ عَلَى إِفْشَاء السَّلَام وَبَذْله لِلْمُسْلِمِينَ كُلِّهِمْ؛ مَنْ عَرَفْت، وَمَنْ لَمْ تَعْرِف. وَالسَّلَامُ أَوَّل أَسْبَاب التَّأَلُّف، وَمِفْتَاح اِسْتِجْلَاب الْمَوَدَّة. وَفِي إِفْشَائِهِ تَمَكَّنُ أُلْفَة الْمُسْلِمِينَ بَعْضهمْ لِبَعْضِ، وَإِظْهَار شِعَارهمْ الْمُمَيِّز لَهُمْ مِنْ غَيْرهمْ مِنْ أَهْل الْمِلَل، مَعَ مَا فِيهِ مِنْ رِيَاضَة النَّفْس، وَلُزُوم التَّوَاضُع، وَإِعْظَام حُرُمَات الْمُسْلِمِينَ" انتهى.

فالمقصود من إفشاء السلام نشر المحبة بين الناس، فعلى من يلقي السلام على أخيه المسلم أن يُسلِّم سلامًا حسنًا، بوجهٍ طلق، وعلى من يرد السلام أيضًا أن يرد ردًا حسنًا، حتى يحصل المقصود وهو المحبة والتآلف بين المسلمين.

وأقل صيغة يحصل بها السلام هي أن يقول المُسَلِّم: "سلام"، وللمجيب في هذه الحالة أن يجيب بقوله: "سلام".

قال الله تعالى عن ضيف إبراهيم المكرمين من الملائكة: {إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلَامًا قَالَ سَلَامٌ} [الذاريات من الآية:25].

قال النووي رحمه الله في (الأذكار، ص: [245]): "قال الإمام أبو الحسن الواحدي من أصحابنا: أنت في تعريف السلام وتنكيره بالخيار، قلت: ولكن الألف واللام أولى" انتهى.

فالأفضل الإتيان بالسلام مبتدئًا أو رادًا بالألف واللام، فيقول: السلام عليكم عند الابتداء، ويقول: وعليكم السلام عند الرد.

ثانيًا:

أما رد السلام فيكون بمثل السلام أو أحسن منه، قال الله تعالى: {وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا} [النساء من الآية:86].

وأما الاقتصار في رد السلام على: "وعليكم": ففيه قولان لأهل العلم:

قال النووي في (الأذكار، ص: [244-245]): "قال أصحابنا: فإن قال المبتدئ: السلام عليكم، حصل السلام، وإن قال: السلام عليك، أو سلام عليك، حصل أيضًا. وأما الجواب فأقله: وعليك السلام، أو وعليكم السلام، فإن حذف الواو فقال: عليكم السلام أجزأه ذلك وكان جوابًا، هذا هو المذهب الصحيح المشهور الذي نص عليه إمامنا الشافعي رحمه الله في (الأم)، وقاله جمهور أصحابنا... واتفق أصحابنا على أنه لو قال في الجواب: عليكم، لم يكن جوابًا، فلو قال: وعليكم بالواو، فهل يكون جوابًا؟ فيه وجهان لأصحابنا" انتهى.

وذكر ابن مفلح في (الآداب الشرعية: [1/ 340-341]) أن علماء الحنابلة اختلفوا أيضًا في إجزاء الرد بلفظ: "وعليك"، وأن شيخ الإسلام ابن تيمية اختار أنه يجزئ، لأن تقدير الكلام: وعليكم السلام، وبهذا تتم الجملة.

وقد ورد عن الصحابة رضي الله عنهم ما يدل على إجزاء الرد بـ: "وعليكم".

روى البخاري في (الأدب المفرد: [1023]) عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: "بينما نحن جلوس عند النبي صلى الله عليه وسلم في ظل شجرة بين مكة والمدينة - إذ جاء أعرابي من أجلف الناس وأشده، فقال: السلام عليكم. فقالوا: وعليكم" (صححه الألباني في صحيح الأدب المفرد: [791]).

والأفضل أن لا يقتصر المجيب على قوله: "وعليكم" لأن هذا الرد إنما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم عند الرد على أهل الكتاب، فقال: «إِذَا سَلَّمَ عَلَيْكُمْ أَهْلُ الْكِتَابِ فَقُولُوا: وَعَلَيْكُمْ» (رواه البخاري: [6258]، ومسلم: [2163]).