تكريم الأم .. يوم واحد لا يكفي
فيما يحيي الكثيرون في مختلف أنحاء العالم في الحادي والعشرين من شهر مارس من كل عام ما يطلق عليه "عيد الأم" متخذين من ذلك اليوم مناسبة لتكريم الأم، أكد عدد من الأبناء استطلعت "رسالة المرأة" آرائهم رفضهم الاحتفاء بالأم في ذلك اليوم، معربين عن رفضهم اختزال تكريم الأم في يوم واحد بالعام.
- التصنيفات: قضايا المرأة المسلمة -
فيما يحيي الكثيرون في مختلف أنحاء العالم في الحادي والعشرين من شهر مارس من كل عام ما يطلق عليه "عيد الأم" متخذين من ذلك اليوم مناسبة لتكريم الأم، أكد عدد من الأبناء استطلعت "رسالة المرأة" آرائهم رفضهم الاحتفاء بالأم في ذلك اليوم، معربين عن رفضهم اختزال تكريم الأم في يوم واحد بالعام.
وأشار هؤلاء إلى أن الدين الإسلامي الحنيف يحث على بر الوالدين والإحسان إليهما وتكريمها في كل وقت وحين وعلى مدار الأيام والسنين، مشددين على أن المسلمين ليس عندهم أعياد من الناحية الشرعية إلا عيد الفطر وعيد الأضحى.
أبناء وأمهات يرفضون
تقول "صفية. ك": أنا لا أومن بهذه البدعة المستقاة من الغرب، ولا أذكر أنني احتفلت بهذا اليوم يوم ما، وهذا لا يعني أنني لا أقدر ما فعلته أمي لي، لكن هذا الاحتفال لا يتوافق مع شريعتنا الإسلامية، فللمسلمين عيدان فقط هما: عيد الفطر وعيد الأضحى، أما الأم فقد أوصانا ديننا الحنيف ببرها وهذا البر لا يحتاج ليوم أو اثنين أو ثلاثة فهو مطلوب في كل لحظة، فالواجب على المسلمين أن يكتفوا بما شرعه الله لهم من بر الأم والإحسان إليها.
بدورها حذرت "سلمى. ع" من أن تشجيع الناس على إقامة هذا الاحتفال له آثار خطيرة من أهمها، أن هذا اليوم فيه إيلام كبير للنساء اللاتي لم يقدر لهن الإنجاب، وفيه إيلام كبير لمن فقدوا أمهاتهم، وفيه تجريم للأبناء بدون ذنب أو مبرر شرعي، حيث أصبح الابن الذي لا يشارك بتقديم هدية إلى أمه ينظر إليه بعين التقصير، ويشعر هو بالذنب، وإذا نظرنا بعين فاحصة لوجدنا أن هذا اليوم لا يصلح أن يطلق عليه عيد، فمن شروط العيد بث البهجة والسرور في قلوب المسلمين جميعا، كعيدي الفطر والأضحى، ولقد اختص المسلمين بهذين العيدين فقط.
وتابعت: لا شك أن تخصيص يوم من السنة للاحتفال بتكريم الأم أو الأسرة من محدثات الأمور التي لم يفعلها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ولا صحابته؛ لذا وجب تركه وتحذير الناس منه، والاكتفاء بما شرعه الله ورسوله.
وأكدت "سوسن. ك" على أنها لم تعد تقبل هدايا من أبنائها في هذا اليوم، خاصة بعد أن علمت أن الاحتفال بهذا اليوم بدعة لا أساس لها في القرآن والسنة.
وأضافت قائلة: لا أنكر احتفالي بهذا اليوم وأنا طفلة، فمدرستي كانت تقيم احتفالا كبيرا بهذا اليوم، وكنت أشارك فيه، وأتي بالهدايا التي أقدمها لوالدتي ومدرساتي، وحين كبرت، وقرأت في الدين بتعمق، أدركت أن الاحتفال بهذا اليوم بدعة لا أساس لها في ديننا، ومنذ عامين فوجئت بأولادي يحتفلون بهذا اليوم، وبالفعل أحضروا لي الهدايا، لكني رفضت قبولها منهم، وأخبرتهم أن الاحتفال بهذا اليوم بدعة، ولكي لا يغضبوا، قلت لهم اتركوها لديكم، وسأقبلها في يوم آخر.
تقليد الغرب:
وكان العلامة د. يوسف القرضاوي، رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، قد أكد أن المسلمين ليسوا بحاجة للاحتفال بـ"عيد الأم" لأن كل أيام أمهاتهم أعياد. بحسب الموقع الإلكتروني للشيخ القرضاوي.
وقال الشيخ القرضاوي بأن "التاريخ لا يعرف دينا ولا نظاما كرم المرأة باعتبارها أما وأعلى من مكانتها مثل الإسلام"، مشيرا إلى أن "الإسلام أكد على الوصية بالأم وجعلها تالية للوصية بتوحيد الله وعبادته، وجعل برها من أصول الفضائل، كما جعل حقها أوكد من حق الأب، لما تحملته من مشاق الحمل والوضع والإرضاع والتربية".
واستشهد بما يقرره القرآن وكرره في أكثر من سورة ليثبته في أذهان الأبناء ونفوسهم. في مثل قوله تعالى: (وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ) (لقمان: 14) وقوله -عز وجل-: (وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَاناً حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَوَضَعَتْهُ كُرْهاً وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْراً) (الأحقاف: 15).
كما استشهد بما قرره النبي -صلى الله عليه وسلم- من فضل الأمهات عندما جاء رجل إليه -صلى الله عليه وسلم- يسأله: من أحق الناس بصحابتي؟، قال: "أمك". قال: ثم من؟، قال: "أمك". قال: ثم من؟، قال: "أمك". قال: ثم من؟، قال: "أبوك" (متفق عليه).
وأشار الدكتور القرضاوي إلى ما رواه البزار أن رجلا كان بالطواف حاملا أمه يطوف بها، فسأل النبي -صلى الله عليه وسلم-: هل أديت حقها؟، قال: "لا، ولا بزفرة واحدة"! (رواه الطبراني) أي من زفرات الطلق والوضع ونحوها.
وأوضح الشيخ القرضاوي أن بر الأم في الإسلام يعني: إحسان عشرتها وتوقيرها وخفض الجناح لها، وطاعتها في غير المعصية، والتماس رضاها في كل أمر، حتى الجهاد إذا كان فرض كفاية لا يجوز إلا بإذنها، فإن برها ضرب من الجهاد.
وطالب بالبعد عن تقليد الغرب تقليدا أعمى، وقال: "إن كان لا بد من الاحتفال بيوم الأم فليكن في عيد الفطر أو عيد الأضحى. ومن كان غائبا عن أمه فليزرها في عيد الفطر ويوم عيد الأضحى".
وقارن الشيخ القرضاوي بين مكانة الأم في الإسلام ووضعها الحالي في الغرب، مشيرا إلى أن الغربيين جعلوا لها يوما في السنة، سموه (عيد الأم) لأن عادة الغربيين بعد أن يبلغ الابن أو البنت أن يذهب كل واحد إلى حال سبيله، ولا يعرف الأسرة، ولا يتصل بالأب ولا يتصل بالأم، بل كل منهم مهموم بأمر نفسه، ولا يذكر ذلك الحضن الذي نشأ في ظله وما له من حق عليهما.
بدعة:
وعن حكم الاحتفال بعيد الأم قال فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله- في فتوى نشرت بموقعه الإلكتروني: "كل الأعياد التي تخالف الأعياد الشرعية كلها أعياد بدع حادثة، ما كانت معروفة في عهد السلف الصالح، وربما تكون منشأها من غير المسلمين أيضاً فيكون فيها مع البدعة مشابهة أعداء الله -سبحانه وتعالى-، والأعياد الشرعية معروفة عند أهل الإسلام وهي عيد الفطر وعيد الأضحى وعيد الأسبوع، وليس في الإسلام أعياد سوى هذه الأعياد الثلاثة، وكل أعياد أحدثت سوى ذلك فإنها مردودة على محدثيها وباطلة في شريعة الله -سبحانه وتعالى- لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد)) أي مردود عليه غير مقبول عند الله و في لفظ: "من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد"، وإذا تبين ذلك فإنه لا يجوز العيد التي ذكرته السائلة والتي سمته عيد الأم، لا يجوز فيه إحداث شيء من شعائر العيد كإظهار الفرح والسرور وتقديم الهدايا وما أشبه ذلك، والواجب على المسلم أن يعتز بدينه ويفتخر به وأن يقتصر على ما حده الله ورسوله في هذا الدين القيم الذي ارتضاه الله تعالى لعباده فلا يزيد فيه ولا ينقص منه، والذي ينبغي للمسلم أيضاً أن لا يكون إمعة يتبع كل ناعق، بل ينبغي أن يكون شخصيته بمقتضى شريعة الله -سبحانه وتعالى- حتى يكون متبوعاً لا تابعاً وحتى يكون أسوة لا متأسياً؛ لأن شريعة الله والحمد لله كاملة من جميع الوجوه كما قال الله تعالى: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا) (المائدة: من الآية 3) والأم أحق من أن يحتفل بها يوماً واحداً في السنة بل الأم لها الحق على أولادها أن يرعوها وأن يعتنوا بها وأن يقوموا بطاعتها في غير معصية الله - عز وجل - في كل زمان وفي كل مكان.
كما أفتى الشيخ عبد العزيز بن باز -رحمه الله- في فتوى نشرت بموقع الرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء بالمملكة العربي السعودية بأنه "لا يجوز الاحتفال بما يسمى: عيد الأم، ولا نحوه من الأعياد المبتدعة؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((من عمل عملًا ليس عليه أمرنا فهو رد)) وليس الاحتفال بعيد الأم من عمله -صلى الله عليه وسلم-، ولا من عمل أصحابه -رضي الله عنهم-، ولا من عمل سلف الأمة، وإنما هو بدعة وتشبه بالكفار".
رشا عرفة