دعوة للحب

وما أطهر الحب عندما يكون في الله حتى نجني ثمراته كما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله... منهم رجلان تحابا في الله التقيا عليه وتفرقـا عليه).. أي على طاعة الله - عز وجل - وعلى ما يحب.

  • التصنيفات: قضايا الشباب -

كثيراً ما نرى ونسمع عن أمور يدمى لها القلب وتحزن لها النفس ويندى لها الجبين خجلاً من قبح هذه الأمور المتمثلة في اتباع الشهوات، وتلاعب بالمشاعر، والنيل من المحرمات، والتعدي على الحدود، وهجر الحياء، وانتحار العفة.. وكل هذا تحت مسمى الحب (كما يدعيه الغرب من عيد الحب أو عيد العشاق مزيناً كل هذا الانحلال الخلقي لأبنائنا حتى يتبعوه).

ولكنه الزيف والخداع، واتباع خطوات الشيطان، وكل هذا الحب منه براء، أما الحب الذي يدعو إليه الإسلام فهو أنقى وأعف.

فالحب مشاعر إنسانية رقيقة يرتقي بصاحبه.. وهو ضرورة لحياة الإنسان ولكل من له قلب حي.. وهو عاطفة سامية تميز الإنسان بل وأحياناً الجماد كما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (أحد جبل يحبنا ونحبه)، فالجبل ارتفعت قيمته لما أحب ولكن أحب من؟! أحب سيد الخلق أجمعين رسول الله - عليه الصلاة والسلام -، فاستحق الجبل أن يذكر ويخلد بل ويحبه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكل المؤمنين من بعده، فهكذا الحب يسعد صاحبه ويزيد من شأنه ويأنس حاله لا أن يجر عليه الهوان والخسران.

وللحب الحقيقي أنواع وعلامات وثمرات:

فمن أطهر أنواع الحب وأوجبها: حب الوالدين الذي يتمثل في طاعتهما وبرهما والإحسان إليهما كما أمر الله - عز وجل -.

ومن الحب البناء: حب الإخوة الذي يتمثل في رباط الأسرة التي إذا قويت أواصرها قوي مجتمعنا.

ومن الحب الضروري: الحب بين الزوجين المتمثل في روابط المودة والرحمة حتى لا تنهار العلاقات الزوجية فتشقى مجتمعاتنا.

ومن الحب الواجب: حب المؤمنين بعضهم بعضاً كما وصفهم الله - سبحانه وتعالى - في قوله: (... إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ... ) وكما وصى رسول الله: (... وكونوا عباد الله إخوانا... ) حتى تتحقق قوة أمتنا وتسري فيها روح الوحدة فلا مجال للتباغض والتناحر مع وجود الحب والألفة.

ومن أعظم أنواع الحب: حب الله - عز وجل - وحب رسوله الكريم، وقد أرشدنا الله إلى الطريقة التي يجب أن نحبه بها كما في قوله: (قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ).. أل عمران 31.

فالحب الحقيقي الصادق لله ولرسوله يكون بالإخلاص لله - تعالى -في الطاعة وحسن اتباع الرسول - صلى الله عليه وسلم -.

هكذا يكون الحب.. فعندما نحب تتزين الدنيا ونرى كل شيء جميلاً.. وتتصالح معنا أنفسنا.. والأحلام تلبس ثوب الفرح.. وتغرد الأمنيات في سماء النفس الصافية، تهفو النفوس للعلا وتترفع عن دنايا الشهوات.

عندما نحب نجد في القلب متسعاً لكل من نعرف.. وترتسم على الوجه بشاشة تفيض عليه جمالاً رقيقاً.. وتتسع أوقاتنا.. تفيض طاقاتنا بالعزم على إنجاز الأمور.. ونقبل على تقديم العون لمن حولنا.. ونلمس في نفوسنا مقدرة للعفو عن من أساء إلينا أو قصر في حقنا.

فما أحوجنا لأن نحب.. لأن القلب الذي يملك المقدرة على الحب لا يقدر على أن يحمل بين جنباته إلا الحقد.

وعلينا أن نحسن اختيار من نحب حتى نسعد بحبنا في الدنيا والآخرة، كما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (... المرء مع من أحب... ).

أما إذا أحببنا ولم نوفق في التنعم بحبنا فليس هذا مدعاة بأن نضحي بكل غالٍ من حرمات وقيم مبررين لأنفسنا حقنا في أن نسعد بحياتنا.. كما نرى كثيراً من شبابنا وفتياتنا وهم مغرورون بهذه المسميات الخادعة من عشق وحب وحق في الحياة مع الآخر.. فما هذا بحب ولو أنهم علموا ثواب الصبر على العفة لهنا عليهم ما يشعرون به من ألم وحرمان..

وما أطهر الحب عندما يكون في الله حتى نجني ثمراته كما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله... منهم رجلان تحابا في الله التقيا عليه وتفرقـا عليه).. أي على طاعة الله - عز وجل - وعلى ما يحب.

وما أبقى الحب عندما يكون لله.. فما كان لله دام واتصل وما كان لغير الله انقطع وانفصل.


فاطمة عليوة