طرق الاستدلال على نبوة رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم
يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «أعطيت خمساً لم يعطهن أحد من الأنبياء قبلي: نصرت بالرعب مسيرة شهر، وجعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً، وأيما رجل من أمتي أدركته الصلاة فليصل، وأحلت لي الغنائم، وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة وبعثت إلى الناس كافة، وأعطيت الشفاعة».
- التصنيفات: السيرة النبوية -
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه أجمعين.
تميزت رسالة رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم بخصائصٍ منها:
أ- عمومها: كان الأنبياء السابقون يرسلون إلى أقوامهم خاصة، وربما إلى قبيلة واحدة من القوم، وربما إلى عائلة واحدة، أما رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد كانت رسالته عامة شاملة إلى جميع الناس، يقول سبحانه وتعالى: {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً} [الأعراف:158]، فكان خطابه إلى الناس بالصيغة العامة، بينما الأنبياء السابقون كانوا يخاطبون أقوامهم بقولهم: "يا قومي..."، ويقول جل من قائل: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيراً وَنَذِيراً} [سبأ:28]، ويقول عز وجل: {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا أَنَا لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ} [الحج:49]، ويقول جل جلاله: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} [الأنبياء:107].
ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم: « » (أخرجه البخاري من حديث جابر رقم:427)، [1].
ب- نسخها لجميع الرسالات، والشرائع السابقة: يقول عز وجل: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجاً وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً...} [المائدة:48]، ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: « » (قال ابن كثير في البداية والنهاية سنده صحيح:185/1)، ويقول أيضًا: « » (رواه أحمد في المسند:15195).
ج- كمالها وخلودها: يقول الله سبحانه وتعالى: {...الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْأِسْلامَ دِيناً...} [المائدة: 3]، لقد ختم الله الرسالات برسالة محمد صلى الله عليه وسلم وختم النبوات بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم يقول الله جل جلاله: {مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ} [الأحزاب:40]، ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: « » (أخرجه مسلم:2286)، [2].
د- يسرها وسهولتها: إن أمة محمد صلى الله عليه وسلم أمة مرحومة، لذا كانت شرائعها ودينها يمتاز باليسر والسهولة، يقول جل جلاله: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج:78]، ولقد رفع الله جل جلاله عنها الإصر والأغلال التي كانت على الأمم السابقة، يقول جل جلاله: {مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [المائدة: 6] [3]، ويقول: {...يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ...} [البقرة:185].
هـ- الرسالة هي المعجزة والمعجزة هي الرسالة: فالرسالة المحمدية متضمنة القرآن الكريم، والقرآن معجزة الإسلام العظمى الخالدة إلى يوم القيامة، ولم تكن معجزات الأنبياء السابقين إلا معجزات مادية ملازمة لشخص النبي، وانتهت بانتهاء النبي، ولم يبق إلا الحديث عنها، أما معجزة القرآن الكريم فإنها باقية مستمرة، تقام الحجة بها في جميع العصور وعلى أهل كل جيل من الأجيال.
والله تعالى أعلى وأعلم والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه أجمعين.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1]باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: جعلت لي الأرض مسجداً، (1 /168).
[2] باب ذكر كونه صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين:4 /179.
[3] انظر هذه الخصائص وغيرها في معالم الثقافة الإسلامية، د. عبد الكريم عثمان، ص50، وما بعدها، والخصائص العامة للإسلام للدكتور يوسف القرضاوي.
أ. د. مصطفى مسلم وأ. د. فتحي محمد الزغبي