اللقاء!
محمد علي يوسف
هل تتذكر شعورك حين الدخول على أستاذك الجامعي في امتحان الشفوي، أو شعورك وأنت تستعد لملاقاة رئيس عملك الذي أرسل في طلبك ليسألك ويحاسبك على مستواك المهني، أو (التارجت) المطلوب منك تحقيقه؟
- التصنيفات: الزهد والرقائق -
هل مررت من قبل بتجربة الـ(إنترفيو)
الإنترفيو معناه بالعربية مقابلة أو لقاء، واصطلح على استعماله لوصف المقابلة التي يجريها صاحب العمل أو من ينوب عنه للمتقدمين إلى وظيفة ما..
حضرتك بقى رحت قبل كدة مقابلة من النوع ده؟ هل حضرت إنترفيو؟
هل تتذكر موعدًا مهمًا أو لقاءً مصيريًا أقدمت عليه، يتحدد بناءً على أساسه مستقبل أمر معين يهمك؟
هل تتذكر شعورك حين الدخول على أستاذك الجامعي في امتحان الشفوي، أو شعورك وأنت تستعد لملاقاة رئيس عملك الذي أرسل في طلبك ليسألك ويحاسبك على مستواك المهني، أو (التارجت) المطلوب منك تحقيقه؟
كيف كان إحساسك وأنت رايح تخطب وستقابل لأول مرة والد العروس التي تتمنى زواجها؟
أمل.. خوف.. قلق.. رجاء.. رهبة.. رغبة.. مشاعر كثيرة متباينة يجمعها شيء واحد!
إنه الاستعداد النفسي واليقين بحدوث اللقاء، والذي يتبعه غالبًا استعداد مادي وتجهز لهذا اللقاء.
يعني مثلاً بتجهز الإجابات اللي هتقولها، بتحسن مظهرك على قد ما تقدر وتلبس "الحتة اللي على الحبل".
بتذاكر كويس لو المقابلة محتاجة مذاكرة..
تسأل عن صفات من ستقابله وتقف أمامه لعلك تستنتج منها طبيعة الأسئلة، والأشياء التي سترضيه في تلك المقابلة المصيرية.. بتحاول تعرف اللي نجحوا ورضي عنهم الممتحن أو المقابل، كيف نجحوا وكيف أرضوه؟
وهكذا..
تصور أننا نفعل كل هذا لأجل لقاء أو مقابلة دنيوية..!
مقابلة مهما كانت أهميتها فإن ما سينبني عليها لا يداني ما سينتج عن اللقاء الآخر..
اللقاء الذي ستنبني على نتائجه حياتك السرمدية لملايين من السنين لا نهائية..
اللقاء الحق.. لقاء الله جل وعلا وله المثل الأعلى..
اللقاء الذي حدثك عنه رسول الله كثيرًا، والذي ناجى به ربه مصدقًا ومقررًا لحقيقته فقال: « » (صحيح البخاري:6317).
هذا هو الفارق الرئيسي بين من يعد العدة للقاءات الدنيا بينما يتغافل عن ذلك اللقاء، وبين من ينتبه ويعلم جيدًا ولا يغفل عن حقيقة اللقاء.
كلمة فارقة تبين ذلك البون الشاسع بين مجرد المعرفة النظرية المتغافلة وبين الحياة بتلك المعرفة
كلمة: (حق) في لقاء الدنيا أو (الإنترفيو) أو المقابلة قد صدقت أنه حق أنت مقبل عليه لا محالة، فانتبهت
أنت، أيقنت أنه واقع غدًا أو بعد غد فأعددت واستعددت..
أنت أدركت أنه سيؤثر على حياتك ومستقبلك فرجوت، وربما تكون كذلك في لقاء الآخرة نظريًا لكنك للأسف غفلت ونسيت أو تناسيت، نعم نعم أعرف جيدًا أنك لا تنكره.. ومن ينكر {إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَوَاقِعٌ} [المرسلات:7]، و{إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَصَادِقٌ} [الذاريات:5].
لكن العبرة ليست فقط في عدم الإنكار النظري، العبرة بما فعلت وتعاملت وليس فقط بما ادعيت..
{إِنَّ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا وَرَضُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّوا بِهَا وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آيَاتِنَا غَافِلُونَ . أُوْلَئِكَ مَأْوَاهُمْ النَّارُ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} [يونس7-8]. تأمل كلمة: {يَرْجُونَ} يرجون اللقاء!
الأمر إذًا ليس قاصرًا على مجرد المعرفة والإقرار، لا بد من علم عملي ومعتقد مفعل إن لم يكن موجودًا..
فتأمل آخر الآية لا بد أن يرجو اللقاء، ينتظره، يعد له العدة يتجهز..
ترى هل استعددنا لهذا اللقاء؟
هل معرفتنا بوقوعه هي معرفة نظرية جوفاء، أم هي حقيقة نحيا بها وتملأ قلوبنا؟
حقيقة أننا سنلاقيه.. سنلاقي الله.. وسنقف بين يديه.. وسيسألنا عن الصغير والكبير وعن النقير والقطمير.
فهل أعددنا الإجابة؟ وهل تذكرنا اللقاء؟