ذكرى مذبحة الحرم الإبراهيمي الشريف

ولم يكن المجرم "غولدشتاين" لوحده الذي يطلق النار، فحسب شهود عيان أن أكثر من شخص كان يطلق الرصاص على المصلين، بالإشارة الواضحة إلى مشاركة قوات الاحتلال الصهيوني في المذبحة التي كانت متواجدة في المكان بدليل منعها إسعاف المصابين وانتشال جثث الشهداء من داخل الحرم.

  • التصنيفات: قضايا إسلامية معاصرة -

من الملاحظ أن المجازر الصهيونية ضد الشعب الفلسطيني تأتي دائماً تتويجاً للاتفاقات واللقاءات الحميمة والودية والسلمية التي تعقد بين الجانب العربي والجانب الصهيوني، مثلما سبقت مجزرة دير ياسين اتفاقية الهدنة بين العرب والصهاينة، مثلما سبقت مجزرة صبره وشاتيلا اتفاقية "كامب ديفيد"، مثلما سبق مجزرة الحرم الإبراهيمي الشريف اتفاقية أوسلو واتفاقية وادي عربة، مثلما سبق مجزرة المسجد الأقصى مفاوضات "كامب ديفيد الثانية"، مثلما سبق مجازر الحرب على غزة استئناف المفاوضات بين السلطة الفلسطينية ودولة الاحتلال، مثلما سبق مجزرة الحرم الإبراهيمي الشريف قبل أيام بسبب قرار ضمه للتراث الصهيوني مشاركة (بن غوريون العرب) فياض في مؤتمر "هرتسيليا" الأمني.

فلم توصف أي مذبحة صهيونية على مدى نصف القرن الماضي، بما وصفت به المجزرة البشعة المروعة التي اقترفها المغتصب الصهيوني المجرم "باروخ غولدشتاين" منذ 16 عاماً ضد المصلين الفلسطينيين في باحة الحرم الإبراهيمي أثناء تأدية صلاة الفجر من صباح يوم الجمعة الخامس عشر من رمضان الموافق 25/2/1994م، حيث دوت أصوات القنابل اليدوية وزخات الرصاص الحي في جنبات الحرم الإبراهيمي الشريف التي اخترقت رؤوس المصلين ورقابهم وظهورهم لتصيب أكثر من ثلاثمائة وخمسين بين شهيد وجريح في اقل من عشر دقائق.

ولم يكن المجرم "غولدشتاين" لوحده الذي يطلق النار، فحسب شهود عيان أن أكثر من شخص كان يطلق الرصاص على المصلين، بالإشارة الواضحة إلى مشاركة قوات الاحتلال الصهيوني في المذبحة التي كانت متواجدة في المكان بدليل منعها إسعاف المصابين وانتشال جثث الشهداء من داخل الحرم.

فقد سبق مجزرة الحرم الإبراهيمي استفزاز الصهاينة للمصلين الفلسطينيين بالتهديدات، ففي مساء يوم الخميس وأثناء صلاة العشاء دخل المستوطنون الحرم وقاموا بإرهاب المصلين المسلمين، حيث وقع شجار بين الطرفين وعلى باب الحرم وبالقرب من تكية سيدنا إبراهيم - عليه السلام -، حيث كان كابتن يدعى "دوف سوليمون" (قائد حرس الحرم الإبراهيمي الشريف) يردد عبارة "محار أني أريخيم ما هو هاسلام شليخيم" تلك والتي تعني بالعربية "غداً سوف نريكم ما هو إسلامكم"، فالنية مبيتة والهدف مقصود من زمن طويل، فحسب صحيفة "هآرتس" - في تقرير لها - أن هناك نبوءة تعود لأحد حاخامات القرن الـ 18 والمعروف باسم "جاؤون فيلنا" حدد فيها موعد بداية بناء الهيكل المزعوم بيوم الـ 16 مارس من عام 2010م المقبل على انقاد الحرم الإبراهيمي الشريف، موضحة أن النبوءة تضمنت إشارات إلى أن اليهود سيشرعون في بناء الهيكل المزعوم بتزامن تدشين معبد "حورب" المزعوم الكائن بالحي اليهودي بالقدس.

التاريخ يعيد نفسه، الآن يسرقون الصهاينة المقدسات والتراث الفلسطيني-العربي-الإسلامي وينسبونه إليهم زوراً وافتراءً بضم الحرم الإبراهيمي ومسجد بلال بن رباح إلى التراث اليهودي، كذلك الحال بالنسبة لمدينة القدس المحتلة التي هودت بالكامل وأصبحوا يتحكمون بالمسجد الأقصى فتارة يحرقونه وتارة يقتحموه ليعبثوا بمحتوياته تحت غطاء قوات الاحتلال وتارة يسرقون أحجاره ومعالمه وتارة أخرى يغلقون بواباته ليحرموا المصلين من دخوله لأداء الصلاة فيه، ومن أسفله قوضوا واضعفوا أساساته بحفرياتهم وأنفاقهم حتى أصبح آيل لسقوط في أي وقت، لكي يسهل عليهم بناء هيكلهم المزعوم على أنقاضه! إنها عملية تطهير عرقي وديني وديموغرافي وإبادة تراثية ثقافية حضارية وتزوير للحقائق، ناهيك عن سرقة الأرض والأملاك والمياه والثروات، فالصهاينة يجاد فنون السرقة والتزوير!!!

وعلى العرب والمسلمين أن يدركوا جيداً أن تهويد مدينة القدس هو مقدمة لتهويد مدينة خليل الرحمن بما فيها الحرم الإبراهيمي الشريف ومسجد بلال بن رباح وكل فلسطين وطرد الفلسطينيين من بيوتهم وأملاكهم والاستيلاء عليها كما فعلوا باللاجئين الفلسطينيين على مدار 60 عاماً الماضية، وهذا هو دأب اليهود الصهاينة الذين تمادوا بإجرامهم أمام التقاعس والتخاذل العربي والإسلامي وصمتهم المفضوح والمميت، بينما مليار ونصف المليار مسلم يتفرجون والمقدسات الإسلامية تتهاوى وتهود والمسجد الأقصى (قبلتهم الأولى ومسرى رسولهم الكريم محمد - صلى الله عليه وسلم -) وشيكا على الانهيار والفناء بسبب الحفريات والأنفاق التي تحفر من أسفله لكي تصبح مدينة القدس كمدينة خليل الرحمن مهودة وارث يهودي لا يوجد للعرب والمسلمين أي صلة به.


أيمن أبو ناهية