المظلوم لا يهدأ... والظالم لن يهنأ
لن يهدأ المظلوم لأنه صاحب قضية حق وحقيقة قضية عادلة متصلة بالسماء يرابط لها ويراهن عليها،
- التصنيفات: مساوئ الأخلاق -
لن يهدأ المظلوم لأنه صاحب قضية حق وحقيقة قضية عادلة متصلة بالسماء يرابط لها ويراهن عليها، ويربط مستقبله ومستقبل وطنه بهذه القضية المحورية في حياته.. يعلم أن الموت في سبيل الله شرف ومنزلة عظيمة لا يقل عنها الحياة في سبيلها أو الحبس من أجلها فكلٌ رباط وجهاد.
والظالم لن يهنأ فدعوات المظلومين له بالمرصاد ترفع للسماء كالشرارة ليس بينها وبين الله حجاب يقول صلى الله عليه وسلم: «
» (حسن)، « » (صحيح الجامع الصغير).وشدد عليه السلام على أن دعوة المظلوم مستجابة ولو بعد حين فقال: «
» (صحيح).فيا ابن آدم إياك والظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة وليأتين أناس يوم القيامة بحسنات كأمثال الجبال فما يزال يؤخذ منهم حتى يبقى الواحد منهم مفلسًا ثم يسحب إلى النار سواء كان عالمًا أو متعلمًا، قاضيًا أو متقاضيًا، حاكمًا أو محكومًا.
وقال صلى الله عليه وسلم: «
» قالوا: المفلِسُ فينا من لا درهمَ له ولا متاعَ. فقال: « » (مسلم).ولقد رهبنا صلى الله عليه وسلم من الظلم فقال: «البخاري).
». فقال رجُلٌ: يا رسولَ اللهِ وأيُّ الإسلامِ أفضلُ؟ قال: « » (صحيح بن حبان). وبالحديث القدسي: « » (فلا يغرنك تقلب الذين ظلموا في البلاد علوًا وتكبرًا وإفسادًا ولا يغرنك حلم الله على الظالم فإنه يمهل ولا يهمل حتى إذا أخذه لم يفلته فإن الأحوال بيد الله ومقاليد الأمور له جل وعلا إذا أراد شيئًا قال له كن فيكون يمهد لدينه ويغرس لدعوته ويحفظ أولياءه وينصر جنوده فيد الله تعمل في الخفاء.
وليراجع كل منا نفسه لأن الظلم ربما يكون بكلمة أو نظرة أو ظن سيء أو مجاملة باطلة أو خذلان للحق وأهله أو دناوة نفس أو ركون إلى ظالم أو خوف من غير الله أو شهادة زور أو حكم باطل جائر أو إيذاء في نفس أو عرض أو مال أو عافية أو تقييد حرية أو شماتة في مؤمن أو سعادة في معصية أو علوًا لباطل أو قسوة في غير موضعها أو حُجة باطلة وتدليس في المواقف والآراء وتحكم الأهواء.
قال عليه السلام: «
» (مسلم).أو سفك الدم الحرام أو تمثيل بشخص حيًا أو ميتًا أو إخفاء حقيقة أو نشر كذب أو إشاعة أو جدال في باطل أو قلب للحقيقة. واعلم أن الله محيط بالعباد: {يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ} [غافر:19].
يقول جان جاك روسو: "حين أرى الظلم في هذا العالم، أسلي نفسي بالتفكير في أن هناك جهنم تنتظر الظالمين".
حينها تنتهي وتزول السطوة والقوة والجبروت والفرعنة ويتحول المشهد للخوف الشديد والرعب البالغ المهول تنخلع فيه القلوب ولا تغمض فيه العيون ولا تطرف لهم أبصار وتنكس فيه الرؤوس ذليلي الحال بين يدي العزيز القهار {وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ . مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لَا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ} [إبراهيم:42، 43]. {فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الأنعام:45].
قال أبو العتاهية:
ستعلم يا ظلوم إذا التقينا *** غدًا عند الإله من الظلوم
أما والله إنَّ الظُّلم شؤمٌ *** وما زال المسيء هو الظَّلوم
إلى دياَّن يوم الدّين نمضي *** وعند الله تجتمع الخصوم
ستعلم في الحساب إذا التقينا *** غدًا عند الإله من الملوم
ماهر إبراهيم جعوان